قلت الاستدلال بحديث الباب موقوف على أمرين الأول أن تكون الفاء في فتوضأ للسببية وهو ممنوع كما عرفت والثاني أن يكون لفظ فتوضأ بعد لفظ قاء محفوظا وهو محل تأمل فإنه روى أبو داود هذا الحديث بلفظ قاء فأفطر وبهذا اللفظ ذكر الترمذي في كتاب الصيام حيث قال وروى عن أبي الدرداء وثوبان وفضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر قال وإنما معنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صائما فقاء فضعف فأفطر لذلك هكذا روى في بعض الحديث مفسرا انتهى وأورده الشيخ ولي الدين محمد بن عبد الله في المشكاة بلفظ قاء فأفطر وقال رواه أبو داود والترمذي والدارمي انتهى وأورده الحافظ في التلخيص بهذا اللفظ حيث قال حديث أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر أحمد وأصحاب السنن الثلاثة وابن الجارود وابن حبان والدارقطني والبيهقي والطبراني وابن منده والحاكم من حديث معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر قال معدان فلقيت ثوبان في مسجد دمشق إلخ ورواه الطحاوي بهذا اللفظ في شرح الآثار فمن يروم الاستدلال بحديث الباب على أن القئ ناقض للوضوء لا بد له من أن يثبت أن لفظ توضأ بعد لفظ قاء محفوظ فما لم يثبت هذان الأمران لا يتم الاستدلال واستدل لهم أيضا بحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أصابه قئ أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم أخرجه ابن ماجة قلت هذا حديث ضعيف فإنه من رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج وهو حجازي ورواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة ثم الصواب أنه مرسل واستدل لهم أيضا بأحاديث أخرى ذكرها الزيلعي في نصب الراية والحافظ في الدراية وكلها ضعيفة لا يصلح واحد منها للاستدلال من شاء الوقوف عليها وعلى ما فيها من الكلام فليرجع إلى هذين الكتابين قال النووي في الخلاصة ليس في نقض الوضوء وعدم نقضه بالدم والقئ والضحك في الصلاة حديث صحيح انتهى كذا في نصب الراية ص 32 (وقال بعض أهل العلم ليس في القئ والرعاف وضوء وهو قول مالك والشافعي) فعند مالك لا يتوضأ من رعاف ولا قئ ولا قيح يسيل من الجسد ولا يجب الوضوء إلا من حدث يخرج من ذكر أو دبر وقيل ومن
(٢٤٣)