من قال لا يتوضأ بالنبيذ أقرب إلى الكتاب وأشبه لان الله تعالى قال (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) أي والنبيذ ليس بماء قال ابن العربي في العارضة والماء يكون في تصفيته ولونه وطعمه فإذا خرج عن إحداها لم يكن ماء وقال فلم يجعل بين الماء والتيمم واسطة وهذه زيادة على ما في كتاب الله عز وجل والزيادة عندهم على النص نسخ ونسخ القرآن عندهم لا يجوز إلا بقرآن مثله أو بخبر متواتر ولا ينسخ الخبر الواحد إذا صح فكيف إذا كان ضعيفا مطعونا فيه انتهى تنبيه قال صاحب العرف الشذي وأما قول إنه يلزم الزيادة على القاطع بخبر الواحد فالجواب أنه وإن كان الماء المنبذ مقيدا في بادئ الرأي إلا أن العرب يستعملون النبيذ موضع الماء المطلق فلم يكن على طريق التفكه بل يكون مثل الماء المخلوط بالثلج المستعمل في زماننا فإنه لا يقول أحد بأنه ماء مقيد انتهى قلت هذا الجواب واه جدا فإن النبيذ لو كان مثل الماء المخلوط بالثلج لم يقع الاختلاف في جواز التوضؤ به عند عدم الماء بل يجوز الوضوء به عند وجود الماء أيضا كما يجوز الوضوء بالماء المخلوط بالثلج عند وجود الماء الخالص بالاتفاق والعجب كل العجب أنه كيف تفوه بأن النبيذ مثل الماء المخلوط بالثلج ومعلوم أن الثلج نوع من أنواع من المياه الصرفة فالماء المخلوط به ماء صرف وأما النبيذ فليس بماء صرف بل هو ماء اختلط به أجزاء ما ألقي فيه من التمر وغيره وصار طعمه حلوا بحيث زال عنه اسم الماء ألا ترى أنه وقع في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم سأل ابن مسعود هل معك ماء فقال لا مع أنه كان معه النبيذ قال الزيلعي في نصب الراية إنه عليه السلام قال هل معك ماء قال لا فدل على أن الماء استحال في التمر حتى سلب عنه اسم الماء وإلا لما صح نفيه عنه انتهى وأما قوله إن العرب يستعملون النبيذ موضع المطلق إلخ فلا يجدي نفعا فإن باستعمالهم شيئا غير الماء مكان الماء المطلق لا يكون ذلك الشئ عند الشرع ماء مطلقا وفي حكمه
(٢٤٨)