أحدها أن الأمر بالوضوء من لحوم الإبل متأخر عن نسخ الوضوء مما مست النار أو مقارن له بدليل أنه قرن الأمر بالوضوء من لحوم الإبل بالنهي عن الوضوء من لحوم الغنم وهي مما مست النار فإما أن يكون النسخ حصل بهذا النهي وإما أن يكون بشئ قبله فإن كان به فالأمر بالوضوء من لحوم الإبل مقارن لنسخ الوضوء مما غيرت النار فكيف يجوز أن يكون منسوخا به ومن شرط الناسخ تأخره وإن كان النسخ قبله لم يجز أن ينسخ بما قبله الثاني أن أكل لحوم الإبل إنما نقض لكونه من لحوم الإبل لا لكونه مما مست النار ولهذا ينقض وإن كان نيئا فنسخ إحدى الجهتين لا يثبت به نسخ الجهة الأخرى كما لو حرمت المرأة للرضاع ولكونها ربيبة فنسخ التحريم بالرضاع ولم يكن نسخا لتحريم الربيبة الثالث أن خبرهم عام وخبرنا خاص والعام لا ينسخ به الخاص لأن من شرط النسخ تعذر الجمع والجمع بين العام والخاص ممكن بتنزيل العام على ما عدا محل التخصيص الرابع أن خبرنا صحيح مستفيض ثبتت له قوة الصحة والاستفاضة والخصوص وخبرهم ضعيف لعدم هذه الوجوه الثلاثة فيه لا يجوز أن يكون ناسخا له فإن قيل الأمر بالوضوء في خبركم يحتمل الاستحباب فنحمله عليه ويحتمل أنه أراد بالوضوء غسل اليدين لأن الوضوء إذا أضيف إلى الطعام اقتضى غسل اليد كما كان عليه السلام يأمر بالوضوء قبل الطعام وبعده وخص ذلك بلحم الإبل لأن فيه من الحرارة والزهومة ما ليس في غيره قلنا أما الأول فمخالف للظاهر من ثلاثة أوجه أحدها أن مقتضى الأمر الوجوب الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن حكم هذا اللحم فأجاب بالأمر بالوضوء منه فلا يجوز حمله على غير الوجوب لأنه يكون تلبيسا على السائل لا جوابا الثالث أنه عليه السلام قرنه بالنهي عن الوضوء من لحوم الغنم والمراد بالنهي ههنا نفي الإيجاب لا التحريم فيتعين حمل الأمر على الإيجاب ليحصل الفرق وأما الثاني فلا يصح لوجوه أربعة أحدها أنه يلزم منه حمل الأمر على الاستحباب فإن غسل اليد بمفرده غير واجب وقد بينا فساده الثاني أن الوضوء إذا جاء في لسان الشارع وجب حمله على الوضوء الشرعي دون اللغوي لأن الظاهر منه أنه إنما يتكلم بموضوعاته
(٢٢٣)