يتميز بها الادمي عن البهائم حتى أدرك بها حقائق الأمور، وأكثر هذه التخبطات إنما ثارت من جهل أقوام طلبوا الحقائق من الألفاظ، فتخبطوا تخبط اصطلاحات الناس في الألفاظ، وهذا القدر كاف في بيان العقل.
(المقام الثاني):
في بيان شرف العقل وماله من القدر والمنزلة.
وليعلم ان هذا لا يحتاج إلى تكلف الاستدلال، إذ العقل منبع الخيرات ومما حظي به جميع الناس في معاشهم ومعادهم، وشرفه فطري لكافة العقلاء وقدره مدرك بالضرورة، وإنما المقصود هنا ايراد قبس من بيانات المعصومين صلوات الله عليهم حول عظمة العقل، ورفيع منزلته، ليزداد العقلاء ايمانا على ايمانهم، واما الذين في قلوبهم ومشاعرهم مرض فلا يزيدهم الا خسارا.
فنقول:
روى في المحجة البيضاء: ج 1، ص 170، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (يا أيها الناس اعقلوا عن ربكم وتواصوا بالعقل تعرفوا به ما أمركم به ونهيتم عنه، واعلموا انه مجدكم عند ربكم، واعلموا ان العاقل من أطاع الله وإن كان دميم المنظر، حقير الخطر، دني المنزلة، رث الهيئة وان الجاهل من عصى الله وإن كان جميل المنظر، عظيم الخطر، شريف المنزلة حسن الهيئة، فصوحا نطوقا، فالقرد والخنازير أعقل عند الله عز وجل ممن عصاه، ولا تغتروا بتعظيم أهل الدنيا إياكم فإنكم من الخاسرين) (33).
وهذا الخبر - وإن كان من طريق العامة - الا ان صدره موافق لروايات أصحابنا كما يعلم مما سيأتي.