ليس إناء أطيب من الكف ويشرب من أفواه القرب والأداوي (1) ولا يختنثها اختناثا ويقول: إن اختناثها (2) ينتنها. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب قائما وربما يشرب راكبا وربما قام فشرب من القربة أو الجرة (3) أو الإداوة وفي كل إناء يجده، وفي يديه. وكان يشرب الماء الذي حلب عليه اللبن ويشرب السويق.
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) أحب الأشربة اليه الحلو، وفي رواية: أحب الشراب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحلو البارد. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب الماء على العسل. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يماث له الخبز فيشربه أيضا. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: سيد الأشربة في الدنيا والآخرة الماء.
وقال أنس بن مالك: كانت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شربة يفطر عليها وشربة للسحر وربما كانت واحدة وربما كانت لبنا وربما كانت الشربة خبزا يماث، فهيأتها له (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات ليلة فاحتبس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فظننت أن بعض أصحابه دعاه فشربتها حين احتبس، فجاء (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد العشاء بساعة، فسألت بعض من كان معه: هل كان النبي أفطر في مكان أو دعاه أحد؟ فقال: لا، فبت بليلة لا يعلمها إلا الله خوف أن يطلبها مني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يجدها، فيبيت جائعا فأصبح صائما وما سألني عنها ولا ذكرها حتى الساعة.
ولقد قرب اليه إناء فيه لبن وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن يساره، فشرب ثم قال لعبد الله بن عباس: إن الشربة لك أفتأذن أن اعطي خالد بن الوليد - يريد الأسن -؟ فقال ابن عباس: لا والله لا أوثر بفضل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحدا، فتناول ابن عباس القدح فشربه.