شرح اللمعة - الشهيد الثاني - ج ٥ - الصفحة ٢٦٨

____________________
تلك ثلة من أحاديث نهي عمر، وقد اعترف الصحابة بأن النهي كان عن رأي ارتآه عمر، وقد مر عليك أن من جملة هؤلاء: (عليا أمير المؤمنين عليه السلام) و (عبد الله بن عباس) و (جابر بن عبد الله الأنصاري) و (أبا سعيد الخدري) و (عمران بن الحصين). وغيرهم ممن ثبت على المصارحة بالجواز.
كما أن نص الخطبة: " متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما، وأعاقب عليهما " صريح في إسناد النهي إلى نفسه.
وأما السبب في ذلك الذي دعاه إلى هذا التشريع الصارم فتلك قضايا شاذة صادفت أيامه بشأن متعة النساء. منها قصة استمتاع سلمة بن أمية بن خلف الجمحي بسلمى مولاة حكيم بن أمية بن الأوقص الأسلمي. فولدت له، ولكن سلمة أنكر الولد وبلغ ذلك عمر، واغتاظ شديدا وقام بتحريم المتعة رأسا (1).
وأمثالها من قضايا شاذة. والتي لا يسلم منها قانون..! ولكن عمر أبى إلا نقض القانون رأسا، وإبطال تشريع المتعة بتاتا.
مع العلم أن الكتاب قد نص على تشريعها وإباحتها، الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (2).
كما قد سنها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (3).. ما آتاكم الرسول فخذوه (4).
وكم نستغرب قولة متكلم الأشاعرة وحكيمهم: (القوشجي) بعد أن يذكر أن عمر قال - وهو على المنبر - أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله

(١) ابن عبد البر: الإصابة ج ٢ ص ٦١.
(٢) فصلت: ٤٢.
(٣) النجم: ٤ (4) الحشر: 7.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست