ثم الأحاديث على لسان النبي حتى تتم النعمة والحجة ".
أقول: فيه أولا: منع هذه الكلية، ووجه المنع ظاهر على من قرأ القرآن.
وثانيا: إن من العجيب تأكيد (الدهلوي) في هذا المقام على حسن التكرار وإثباته الفائدة له باهتمام عظيم، ثم غفلته أو تغافله عما ذكره هنا في باب المطاعن، فإنه يبذل هناك قصارى جهده لإثبات أن لا فائدة في التأكيد، وعلى هذا الأساس يبرر منع عمر بن الخطاب عن كتابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصيته في الساعات الأخيرة من حياته قائلا: إن رسول الله قد غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا.
فما هذا التهافت والتناقض في كلمات (الدهلوي)؟ أفهل من الصحيح أن يقرر أمرا في مقام ويؤكد عليه ثم ينكره مقام آخر ويصر على إنكاره ونفيه؟!
لقد أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتب في وصيته أمرا أو أمورا ذكرها للأمة في خلال حياته الكريمة لغرض التأكيد، فإذا كان للتأكيد هذه الفوائد التي ذكرها (الدهلوي) هنا فلماذا يدافع عن منع عمر بن الخطاب عن تأكيد النبي " ص " لما أراد التأكيد عليه بكتابة الوصية؟
لكن لا ريب في جناية عمر على الأمة في ذلك اليوم وشناعة كلامه في ذلك الموقف، وأما توجيهات (الدهلوي) لصنيع عمر فباطلة، بل إن كلامه هنا يتضمن وجوها توضح فساد تلك التوجيهات:
(الأول): إنه يقول بأن عمل النبي " ص " وشأنه هو التأكيد على ما جاء في القرآن والتذكير به... فيكون عمر الذي حال دون كتابة النبي " ص " وصيته قد منع النبي " ص " من القيام بأمر واجب عليه، ويكون (الدهلوي) الذي برر عمل عمر شريكا مع عمر في صنيعه.
(الثاني): إنه يقول بأن التأكيد يفيد الالزام بالحجة وإتمام النعمة... فيكون