قد علمت ميالة الذوائب * واضحة الخدين والترائب إني غداة الروع والتغالب * أشجع من ذي لبدة مواثب قصاع أقران مخوف الجانب فلم يزل يكر عليهم فيفرون بين يديه حتى تكاثروا فقتلوه.
ثم أخذ الراية عبد الله بن سعد بن نفيل ثم حمل على القوم وطعن وهو يقول:
إرحم إلهي عبدك التوابا * ولا تؤاخذه فقد أنابا وفارق الاهلين والأحبابا * يرجو بذاك الفوز والثوابا فلم يزل يقاتل حتى قتل.
ثم تقدم أخوه خالد بن سعد بالراية، وحرضهم على القتال، ورغبهم في حميد المآل، فقاتل أشد قتال، ونكل بهم أي نكال، حتى قتل.
وتقدم عبد الله بن وأل فأخذ الراية، وقاتل حتى قطعت يده اليسرى ثم استند إلى أصحابه ويده تشخب دما، ثم كر عليهم وهو يقول:
نفسي فداكم اذكروا الميثاقا * وصابروهم واحذروا النفاقا لا كوفة نبغي ولا عرقا * لا بل نريد الموت والعتاقا وقاتل حتى قتل، فبينما هم كذلك إذ جاءتهم النجدة مع المثنى بن مخزمة 1 العبدي من البصرة ومن المدائن مع كثير بن عمرو الحنفي فاشتدت قلوب أهل العراق بهم، واجتمعوا وكبروا واشتد القتال، فتقدم رفاعة بن شداد نحو صفوف (أهل) الشام وهو يرتجز ويقول:
يا رب اني تائب إليكا * قد اتكلت سيدي عليكا قدما أرجي 2 الخير من يديكا * فاجعل ثوابي أملي إليكا 3 قال عبد الله بن عوف الأزدي: واشتد القتال حتى بان في أهل العراق الضعف والقلة، وتحدثوا في ترك القتال، فبعضهم يوافق، وبعضهم يقول: إن ولينا ركبنا السيف، فلا نمشي فرسخا حتى لا يبقى منا واحد، وإنما نقاتل حتى يأتي الليل