وكان المختار قد بعث إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب: أما بعد فإني حبست مظلوما وظن بي الولاة ظنونا كاذبة، فاكتب في [رحمك الله] إلى هذين الظالمين، وهما عبد الله بن يزيد، وإبراهيم بن محمد كتابا عسى الله أن يخلصني من أيديهما بلطفك ومنك والسلام عليك.
فكتب إليهما ابن عمر: أما بعد، فقد علمتما الذي بيني وبين المختار من الصهر، والذي بيني وبينكما من الود، فأقسمت عليكما لما خليتما سبيله، حين تنظران في كتابي هذا والسلام عليكما ورحمة الله وبركاته. فلما قرأ الكتاب، طلبا من المختار كفلاء فأتاه جماعة من أشراف الكوفة، فاختارا منهم عشرة ضمنوه، وحلفاه أن لا يخرج عليهما، فإن هو خرج فعليه ألف بدنة 1 ينحرها لدى رتاج 2 الكعبة، ومماليكه كلهم أحرار، فخرج وجاء داره.
قال حميد بن مسلم: سمعت المختار يقول: قاتلهم الله ما أجهلهم وأحمقهم حيث يرون أني أفي لهم بأيمانهم هذه، أما حلفي بالله فإنه ينبغي إذا حلفت يمينا و رأيت ما هو أولى منها أن أتركها وأعمل الأولى وأكفر عن يميني، وخروجي خير من كفي عنهم، وأما هدي 3 ألف بدنة فهو أهون علي من بصقة، وما يهولني ثمن ألف بدنة، وأما عتق مماليكي فوالله لوددت أنه استتب لي أمري من أخذ الثأر، ثم لم أملك مملوكا أبدا.
ولما استقر في داره، اختلفت الشيعة إليه، واجتمعت عليه، واتفقوا على الرضا به، وكان قد بويع له وهو في السجن، ولم يزل يكثرون وأمرهم يقوى ويشتد حتى عزل عبد الله بن الزبير الواليين من قبله، وهما عبد الله بن زيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة المذكورين، وبعث عبد الله بن مطيع واليا على الكوفة، والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة على البصرة، فدخل ابن مطيع إليها، وبعث المختار إلى أصحابه فجمعهم