ونمضي. ثم تقدم عبد الله بن عوف إلى الراية فرفعها، واقتتلوا أشد قتال، فقتل جماعة من أهل العراق، وانفلت الجموع، وافترق الناس، وعاد العسكر حتى وصلوا قرقيسيا من جانب البر، وجاء سعد بن حذيفة إلى هيت 1، فلقيه الاعراب فأخبروه بما لقى الناس، ثم عاد أهل المدائن وأهل البصرة وأهل الكوفة إلى بلادهم، والمختار محبوس وكان يقول لأصحابه: عدوا لغارتكم هذه 2 أكثر من عشر ودون الشهر، ثم يجيئكم نبأ هتر، من طعن بتر، وضرب هبر 3، وقتل جم، وأمرهم، فمن لها، أنالها، لا تكذبن أنا لها، وكان المختار يأخذ أفعاله بالرجز والفراسة والخدع وحسن السياسة.
قال المرزباني في كتاب الشعراء: كان له غلام اسمه جبرئيل، وكان يقول:
قال لي جبرئيل، وقلت لجبرئيل، فيتوهم الاعراب وأهل البوادي أنه جبرئيل عليه السلام فاستحوذ عليهم بذلك حتى انتظمت له الأمور، وقام بإعزاز الدين ونصره، وكسر الباطل وقصره.
ولما قدم أصحاب سليمان بن صرد من الشام، كتب إليهم المختار من الحبس.
اما بعد: فان الله أعظم لكم الاجر، وحط عنكم الوزر، بمفارقة القاسطين، و جهاد المحلين 4، إنكم لن تنفقوا نفقة ولم تقطعوا عقبة، ولم تخطوا خطوة إلا رفع الله لكم بها درجة، وكتب لكم حسنة، فأبشروا فإني لو خرجت إليكم جردت [فيما] بين المشرق والمغرب من عدوكم بالسيف بإذن الله، فجعلتهم ركاما، وقتلتهم فذا وتواما، فرحب الله لمن قارب واهتدى، ولا يبعد الله إلا من عصى وأبى والسلام يا أهل الهدى.
فلما جاء كتابه وقف عليه جماعة من رؤوساء القبائل وأعادوا الجواب قرأنا كتابك ونحن حيث يسرك، فإن شئت أن نأتيك حتى نخرجك من الحبس فعلنا، فأخبره الرسول، فسر باجتماع الشيعة له وقال: - لا تفعلوا هذا فإني أخرج في أيامي هذه،