نرجوا به التحفة والنوالا * لنرضي المهيمن المفضالا فساروا حتى أتوا هيت، ثم خرجوا حتى انتهوا إلى قرقيسيا 1 وبلغهم أن أهل الشام في عدد كثير فساروا سيرا مغذا حتى وردوا عين الوردة عن يوم وليلة ثم قام سليمان بن صرد، فوعظهم وذكرهم الدار الآخرة وقال: إن قتلت فأميركم المسيب بن نجبة فإن أصيب المسيب فالأمير عبد الله بن سعد بن نفيل، فإن أصيب فأخوه خالد بن سعد، فإن قتل خالد فالأمير عبد الله بن وأل، فإن قتل ابن وأل فأميركم رفاعة بن شداد.
ثم بعث سليمان المسيب بن نجبة في أربعة آلاف فارس رائدا، وأن يشن عليهم الغارة، قال حميد بن مسلم: كنت معهم فسرنا يومنا كله وليلتنا، حتى إذا كان السحر نزلنا وهومنا 2 ثم ركبنا وقد صلينا الصبح ففرق العسكر وبقي معه مائة فارس، فلقي أعرابيا فقال: كم بيننا وبين أدنى القوم؟ فقال: ميل.
أقول: الميل أربعة آلاف ذراع وكل ثلاثة أميال فرسخ - وهذا عسكر شر حبيل ابن ذي الكلاع من قبل عبيد الله معه أربعة آلاف ومن ورائهم حصين بن نمير السكوني في أربعة آلاف، ومن ورائهم الصلت بن ناحية 3 الغلابي في أربعة آلاف، وجمهور العسكر مع عبيد الله بن زياد بالرقة 4.
فساروا حتى أشرفوا على عسكر الشام، فقال المسيب لأصحابه: كروا عليهم، فحمل (عليهم) عسكر العراق فانهزموا فقتل منهم خلق كثير وغنموا منهم غنيمة عظيمة وأمرهم المسيب بالعود فرجعوا إلى سليمان بن صرد، ووصل الخبر إلى عبيد الله فسرح إليهم الحصين بن نمير وأتبعه بالعساكر حتى نزل في عشرين ألفا، وعسكر العراق يومئذ ثلاثة آلاف ومائة لا غير.