ثم مات يزيد بن أنس فصلى عليه ورقاء بن عازب الأسدي ودفنه واغتم عسكر العراق لموته فعزاهم ورقاء فيه، وعرفهم أن عبيد الله بن زياد في جمع كثير ولا طاقة لكم به، فقالوا: الرأي أن ننصرف في جوف الليل.
قال محمد بن جرير الطبري في تاريخه: كان مع عبيد الله (بن زياد لعنه الله) ثمانون ألفا من أهل الشام، ثم أتصل بالمختار وأهل الكوفة أرجاف الناس بيزيد بن أنس فظنوا أنه قتل ولم يعلموا كيف هلك؟ واستطلع المختار ذلك من عامله على المدائن فأخبره بموته، وإن العسكر انصرف من غير هزيمة، ولا كسرة، فطاب قلب المختار، ثم ندب الناس.
قال المزرباني: وأمر إبراهيم بن الأشتر بالمسير إلى عبيد الله (بن زياد) فخرج في ألفين من مذحج وأسد، وألفين من تميم وهمدان، ألف وخمسمائة من قبائل المدينة وألف وأربعمائة من كندة وربيعة، وألفين من الحمراء، وقيل خرج في اثني عشر ألفا، أربعة آلاف من القبائل وثمانية آلاف من الحمراء، وشيع إبراهيم ماشيا، فقال: اركب (ي) رحمك الله، وقال المختار: إني لأحتسب الاجر في خطاي 1 معك، وأحب أن تتغبر قدماي في نصر آل محمد صلى الله عليه وآله والطلب بدم الحسين عليه السلام ثم ودعه وانصرف، وبات إبراهيم بموضع يقال له: حمام أعين 2، ثم رحل حتى وافى ساباط المدائن.
فحينئذ توسم أهل الكوفة في المختار القلة والضعف، فخرج أهل الكوفة عليه، و جاهروه بالعداوة، ولم يبق أحد ممن شرك في قتل الحسين، وكان مختفيا وظهر و نقضوا بيعته، وسلوا عليه سيفا واحدا واجتمعت القبائل عليه من بجيلة والأزد وكندة و شمر بن ذي الجوشن، فبعث المختار من ساعته رسولا إلى إبراهيم وهو بساباط 3: " لا تضع كتابي حتى تعود بجميع من معك إلي " فلما جاءهم كتابه نادى بالرجوع فوصلوا