من البنات، وأنا اليوم وزير ملك الروم وليس لاحد من النصارى اطلاع على حالنا.
واعلم يا يزيد أني يوم كنت في حضرة النبي صلى الله عليه وآله وهو في بيت أم سلمة رأيت هذا العزيز الذي رأسه وضع بين يديك مهينا حقيرا قد دخل على جده من باب الحجرة والنبي صلى الله عليه وآله فاتح باعه ليتناوله وهو يقول: مرحبا بك يا حبيبي، حتى أنه تناوله وأجلسه في حجره، وجعل يقبل شفتيه، ويرشف ثناياه وهو يقول: بعد عن رحمة الله من قتلك، لعن الله من قتلك يا حسين وأعان على قتلك، والنبي صلى الله عليه وآله مع ذلك يبكي.
فلما كان اليوم الثاني كنت مع النبي صلى الله عليه وآله في مسجده إذ أتاه الحسين عليه السلام مع أخيه الحسن عليه السلام وقال: يا جداه قد تصارعت مع أخي الحسن ولم يغلب أحدنا الآخر، وإنما نريد أن نعلم أينا أشد قوة من الآخر، فقال لهما النبي صلى الله عليه وآله: حبيبي يا مهجتي إن التصارع لا يليق بكما، ولكن اذهبا فتكاتبا، فمن كان خطه أحسن كذلك تكون قوته أكثر، قال: فمضيا وكتب كل واحد منهما سطرا وأتيا إلى جدهما النبي صلى الله عليه وآله فأعطياه اللوح ليقضي بينهما، فنظر النبي صلى الله عليه وآله إليهما ساعة ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما، فقال لهما: يا حبيبي إني نبي أمي لا أعرف الخط، اذهبا إلى أبيكما ليحكم بينكما وينظر أيكما أحسن خطا.
قال: فمضيا إليه وقام النبي صلى الله عليه وآله أيضا معهما، ودخلوا جميعا إلى منزل فاطمة عليها السلام فما كان إلا ساعة وإذا النبي صلى الله عليه وآله مقبل وسلمان الفارسي معه، وكان بيني وبين سلمان صداقة ومودة، فسألته كيف حكم أبوهما، وخط أيهما أحسن؟ قال سلمان رضوان الله عليه: إن النبي صلى الله عليه وآله لم يجبهما بشئ لأنه تأمل أمرهما وقال: لو قلت: خط الحسن أحسن كان يغتم الحسين عليه السلام، ولو قلت: خطا الحسين عليه السلام أحسن كان يغتم الحسن عليه السلام، فوجههما إلى أبيهما.
فقلت يا سلمان: بحق الصداقة والاخوة التي بيني وبينك، وبحق دين الاسلام إلا ما أخبرتني، كيف حكم أبوهما بينهما؟ فقال: لما أتيا إلى أبيهما وتأمل حالهما رق لهما، ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما قال لهما: امضيا إلى أمكما فهي تحكم بينكما، فأتيا إلى أمهما، و عرضا عليها ما كتبا في اللوح، وقالا: يا أماه إن جدنا أمرنا أن نتكاتب فكل من كان خطه