منه لفعل، فإذا النداء من قبل الله عز وجل: قد أجبت دعاءكم وسمت نداءكم، وصليت على روحه في الأرواح، وجعلته عندي من المصطفين الأخيار.
قوله عز وجل: " صراط الذين أنعمت عليهم " قال الإمام عليه السلام: " صراط الذين أنعمت عليهم " أي قولوا: اهدنا الصراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك، وهم الذين قال الله تعالى: " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " (1).
ثم قال: ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحة البدن وإن كان كل هذا نعمة من الله ظاهرة، ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا أو فساقا؟ فما ندبتم بأن تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم، وإنما أمرتم بالدعاء لان ترشدوا إلى صراط الذين أنعم عليهم بالايمان بالله، وتصديق رسول الله صلى الله عليه وآله وبالولاية لمحمد وآله الطيبين، وبالتقية الحسنة التي بها يسلم من شر عباد الله، ومن الزيادة في آثام أعداء الله وكفرهم، بأن تداريهم ولا تغريهم بأذاك وأذى المؤمنين، وبالمعرفة بحقوق الاخوان من المؤمنين.
فإنه ما من عبد ولا أمة والى محمدا وآل محمد، وعادى من عاداهم إلا كان قد اتخذ من عذاب الله حصنا منيعا، وجنة حصينة، وما من عبد ولا أمة داري عباد الله بأحسن المداراة، ولم يدخل بها في باطل ولم يخرج بها من حق إلا جعل الله نفسه تسبيحا وزكى عمله، وأعطاه - لصبره على كتمان سرنا واحتمال الغيظ لما يسمعه من أعدائنا - ثواب المتشحط بدمه في سبيل الله.
وما من عبد أخذ نفسه بحقوق إخوانه فوفاهم حقوقهم جهده، وأعطاهم ممكنه، ورضي منهم يعفوهم، وترك الاستقصاء عليهم، فما يكون من زللهم غفرها لهم، إلا قال الله عز وجل له يوم القيامة: يا عبدي قضيت حقوق إخوانك، ولم تستقص عليهم فيما لك عليهم، فأنا أجود وأكرم، وأولى بمثل ما فعلته من المسامحة