فإنه قريب من مذهب أبي حنيفة وأصحابه، ويمكن حمله على إقامة ثلاثة في الضيعة فإنه ذهب جماعة من العامة إلى أنه إن نوى الإقامة ثلاثة أيام قصر، وإن زاد عليها أتم.
ثم اعلم أن المشهور بين المتأخرين أن المسافر أما إذا دخل بلدا وقرية له في أحدهما منزل استوطنه ستة أشهر يتم، وإن كان عازما على السفر قبل انقضاء العشرة، والأكثر لم يفرقوا في الملك بين المنزل وغيره، حتى صرحوا بالاكتفاء في ذلك بالشجرة الواحدة، وبعضهم اعتبر المنزل خاصة.
وقال الشيخ في النهاية ومن خرج إلى ضيعة له وكان له فيها موضع ينزله و يستوطنه وجب عليه التمام، فإن لم يكن له فيها مسكن يجب عليه التقصير، وظاهره اعتبار المنزل، وعدم اعتبار ستة أشهر، بل الاستيطان، وقريب منه عبارة ابن البراج في الكامل.
وقال أبو الصلاح: وإن دخل مصرا له فيه وطن، ونزل فيه، فعليه التمام ولو صلاة واحدة والظاهر منه المنزل الذي يستوطنه، سواء كان ملكا له أم لا، وقال ابن البراج أيضا: من مر في طريقه على مال له أو ضيعة يملكها أو كان له في طريقه أهل أو من جرى مجراهم ونزل عليهم ولم ينو المقام عندهم عشرة أيام، كان عليه التقصير، وهو نفي للقول المشهور مطلقا كما حكي عنه.
وقال في المبسوط: وإذا سافر فمر في طريقه بضيعة له أو على مال له أو كانت له أصهار أو زوجة، فنزل عليهم ولم ينو المقام عشرة أيام قصر، وقد روي أن عليه التمام وقد بينا الجمع بينهما، وهو أنه ما روى أنه أما إذا كان منزله وضيعته مما قد استوطنه بستة أشهر فصاعدا تمم، وإن لم يكن استوطن ذلك قصر انتهى.
وأجرى ابن الجنيد منزل الزوجة والأب والابن والأخ مع كونهم لا يزعجونه مجرى منزله، وبالجملة فالأقوال في هذه المسألة مختلفة، وكذا الروايات في ذلك في غاية الاختلاف.