بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٦ - الصفحة ٤٠
فليتم الصلاة، فإن لم يدر ما يقيم أو أكثر، فليعد ثلاثين يوما ثم ليتم وإن أقام يوما أو صلاة واحدة.
فقال له محمد بن مسلم: بلغني أنك قلت خمسا، قال: قد قلت ذلك، قال أبو أيوب فقلت أنا: جعلت فداك يكون أقل من خمسة أيام؟ قال: لا.
وأجيب عنه بنه غير دال على نية إقامة الخمسة صريحا، لاحتمال عود الإشارة إلى الكلام السابق، وهو الاتمام مع العشرة، ولا يخلو من بعد، وأوله الشيخ بوجهين:
أحدهما: أنه محمول على ما أما إذا كان بمكة أو المدينة للحسن كالصحيح (1) عن محمد بن مسلم قال: سألته عن المسافر يقدم الأرض فقال: إن حدثته نفسه أن يقيم عشرا فليتم وإن قال اليوم أخرج أو غدا أخرج، ولا يدري، فليقصر ما بينه وبين شهر، فان مضى شهر فليتم ولا يتم في أقل من عشرة إلا بمكة والمدينة، وإن أقام بمكة والمدينة خمسا فليتم.
وثانيهما استحباب الاتمام لناوي المقام خمسة أيام، ولا يخلو من وجه، و المناقشة بأن القصر عند الشيخ عزيمة فكيف يصير رخصة ضعيف، لأنه سد لباب القول بالتخيير بين الاتمام والقصر مطلقا مع ثبوت ذلك في مواضع لا يمكن إنكارها.
والأظهر عندي حمله على التقية، لان الشافعي وجماعة منهم قائلون بإقامة الأربعة، ولا يحسبون يوم الدخول ويوم الرحيل فيتحصل خمسة ملفقة، وسياق الخبر أيضا يدل عليها كما لا يخفى على الخبير.
وهل يشترط في العشرة التوالي بحيث لا يخرج بينها إلى محل الترخص أم لا؟
فيه وجهان: وقطع بالاشتراط الشهيد في البيان (2) والشهيد الثاني في جملة من كتبه

(١) التهذيب ج ١ ص ٣١٦.
(2) لا اعتبار بذلك أبدا، وذلك لان الشارع الأقدس جعل إقامة العشرة بمنزلة الإقامة الدائمية وضعا، ولازمه تسوية الحكم بين المقيمين والمتواطنين مطلقا في الظعن و الإقامة، فكما أن المتوطن في بلدة أما إذا حصل في رحله لا يضر بإقامته الخروج إلى ما دون المسافة، وإذا خرج إلى المسافة ثم رجع إلى رحله أتم من حين دخوله الرحل، فهكذا المقيم للعشرة ما دام لم يخرج إلى المسافة، فهو على اقامته، وإذا خرج إلى المسافة ثم رجع إلى محل إقامته ورحله أتم قضاء لحق الإقامة.
ينص على ذلك صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه اتمام الصلاة، وهو بمنزلة أهل مكة، فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير، فإذا زار البيت أتم الصلاة، وعليه اتمام الصلاة أما إذا رجع إلى منى حتى ينفر.
فموضع النص هو قوله عليه السلام: (وهو بمنزلة أهل مكة) وذلك لان حكم الاتمام والإقامة، يثبت بقصد الإقامة، لا بعد الإقامة عشرة، وإنما شرط عليه السلام القدوم إلى مكة بعشرة أيام قبل التروية ليتحقق منه قصد الإقامة وهو واضح.
وقوله عليه السلام بعد ذلك (فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير، فإذا زار البيت أتم الصلاة، شرح لهذه القاعدة من حيث شقه الثاني أعنى انشاء سفر جديد، فإنهم أما إذا خرجوا إلى منى عازما لعرفات، فعليهم التقصير لخروجه عن حد الترخص، وإذا جاؤوا لزيارة البيت ودخلوا رحالهم (على ما ستعرف الوجه في ذلك دراية ورواية) انقطع حكم السفر وكان على جميعهم الاتمام أما أهل مكة فإنها وطنهم واما قاصد الإقامة لاتحاد حكمه مع المتوطنين.
وقوله عليه السلام: (وعليه اتمام الصلاة أما إذا رجع إلى منى حتى ينفر) شرح لهذه القاعدة من حيث شقه الأول أعنى الخروج إلى ما دون المسافة وأنه لا يضر بقصد الإقامة، فإنهم بعد ما رجعوا إلى منى لرمي الجمرات، كانوا خارجين من مكة إلى ما دون المسافة وكان عليهم الاتمام، فان أنشأوا السير إلى بلادهم من منى حين النفر، قصروا سواء مروا في سيرهم ذلك إلى مكة أولم يمروا بها وإذا رجعوا إلى مكة ثم خرجوا منها إلى بلادهم قصروا منها، وهو واضح، وسيجئ تمام الكلام في هذا الحديث في الباب الآتي تحت الرقم 10 انشاء الله تعالى.
ومن فروع هذه القاعدة (اتحاد حكم المقيمين بالحكم الوضعي مع المتواطنين) الإقامة بعد ثلاثين مترددا، فإنها بمنزلة الإقامة الدائمية، كقصد العشرة من دون اختلاف فإذا عرض له حاجة إلى سفر لكنه لم يرتفع بعد حاجته عن محل إقامته تلك ولم يحصل على مراده من قصد البلدة هذه، فأبقى رحله في البلدة وأنشأ سفرا إلى بريدين ثم رجع إلى محل إقامته تلك قصر أيابا وذهابا وأتم في محل الإقامة كسائر المقيمين.
ينص على ذلك ما رواه الشيخ باسناده عن صفوان عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن أهل مكة أما إذا زاروا، عليهم اتمام الصلاة؟ قال: المقيم بمكة إلى شهر بمنزلتهم.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب القصر وأسبابه واحكامه * * الباب الأول * وجوب قصر الصلاة في السفر وعلله وشرائطه وأحكامه وفيه: آية، و: أحاديث 1
3 تفسير قوله تبارك وتعالى: " وإذا ضربتم في الأرض " وفي الذيل ما يناسب 2
4 في قصر الصلاة والجمع بين الصلاتين 6
5 في المسافة التي شرط في القصر، والبحث حولها مفصلا 10
6 في صلاة المسافر الذي سفره أكثر من حضره، وفي الذيل ما يتعلق 19
7 فيمن نوى الإقامة في بلد عشرة أيام، وفي الذيل ما يناسب 38
8 فيمن فات صلاته في السفر، وفيها بيان 45
9 العلة التي من أجلها كانت الصلاة المغرب في السفر والحضر ثلاث ركعات،... 56
10 * الباب الثاني * مواضع التخيير 74
11 الآيات المتعلقة بالباب في ذيل الصفحة وما يناسب ذلك 74(ه‍)
12 الأقوال في حكم الصلاة في المواطن الأربعة 82
13 في النجف 87
14 حرم الحسين عليه السلام وحد الحائر، وما قاله العلامة المجلسي رحمه الله 89
15 * الباب الثالث * صلاة الخوف وأقسامها وأحكامها، وفيه: 4 - آيات، و: أحاديث 95
16 في وجوب التقصير في صلاة الخوف 96
17 في شروط صلاة الخوف 105
18 في أن صلاة الخوف على ثلاثة وجوه 109
19 قصة رسول الله (ص) والحديبية، وخالد بن الوليد، ونزول قوله تعالى... 110
20 في كيفية صلاة الخوف 115
21 * أبواب * * فضل يوم الجمعة وفضل ليلتها وصلواتهما وآدابهما * * وأعمال سائر أيام الأسبوع * * الباب الأول * وجوب صلاة الجمعة وفضلها وشرائطها وآدابها وأحكامها وفيه: آيات وأحاديث 122
22 تفسير الآيات، وفي الذيل ما يناسب ويتعلق بالمقام 123
23 بحث حول صلاة الجمعة وسورة الجمعة 133
24 فيما يستنبط من آيات السورة الجمعة، ومعنى الامام 139
25 أقوال الفقهاء في الصلاة الجمعة وشرائطها 141
26 في قول الباقر (ع): إنما فرض الله عز وجل من الجمعة إلى الجمعة خمسا... 153
27 في أن الناس في الجمعة على خمسة أقسام 167
28 في أول وقت الجمعة وآخر وقتها 171
29 دعاء القنوت في الوتر ويوم الجمعة 190
30 العلة التي من أجلها صارت صلاة الجمعة ركعتين وجعلت الخطبة يوم الجمعة... 201
31 توضيح مرام ودفع أوهام وشرح للحديث من العلامة المجلسي (ره) 203
32 في أعمال الجمعة 212
33 الاستدلال بوجوب التخييري 217
34 بحث وتحقيق في وجوب صلاة الجمعة وعدم وجوبها 221
35 بحث في الاجماع وتحققه 222
36 فيما قاله السيد ابن الطاوس رحمه الله في صلاة الجمعة وأدلتها 227
37 في أن صلاة الظهر يوم الجمعة هي صلاة الجمعة 230
38 أول جمعة خطب فيها رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة، ومتن الخطبة 232
39 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين عليه السلام لصلاة الجمعة، وشرح لغاتها 234
40 خطبة أخرى التي خطبها علي عليه السلام يوم الجمعة، وشرح لغاتها... 236
41 في القدر المعتبر في كل من الخطبتين 258
42 * الباب الثاني * فضل يوم الجمعة وليلتها وساعاتها، وفيه: آية، و: 33 - حديثا 263
43 معنى قوله تعالى: " وشاهد ومشهود " وفيه معان ووجوه وتأويل 263
44 الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة 273
45 في أن الأعياد أربعة 276
46 * الباب الثالث * اعمال ليلة الجمعة وصلاتها وأدعيتها، وفيه: 39 - حديثا 287
47 في من كان له حاجة، والدعاء قبل الافطار 287
48 فيمن أراد حفظ القرآن 288
49 الدعاء في ليلة الجمعة وعرفة ويومهما (اللهم من تعبأ) 294
50 دعاء آخر في ليلة الجمعة، وفيه بيان 296
51 الدعاء في الوتر وبعده في ليلة الجمعة 298
52 فيما يقرء من القرآن في ليلة الجمعة 310
53 الصلاة في ليلة الجمعة 319
54 * الباب الرابع * أعمال يوم الجمعة وآدابه ووظائفه، وفيه: 68 - حديثا 329
55 في الغسل وقص الأظفار، وزيارة النبي (ص) والأئمة عليهم السلام 329
56 في تقليم الأظفار 344
57 فيمن اغتسل يوم الجمعة 356
58 السنن في يوم الجمعة، وهي سبعة 360
59 فيمن أراد أن يدرك فضل يوم الجمعة 366
60 الصلاة المعروفة بالكاملة والدعاء بعدها 371