بالزئبق أو إرائتهم أشياء بسرعة اليد لا حقيقة لها.
وأما حدوث الحب والبغض والهم وأمثالها، فالظاهر أن الله تعالى جعل لها تأثيرا وحرمها كما أومأنا إليه، وهذا مما لا ينكره العقل، ويحتمل أن يكون للشياطين أيضا مدخلا (1) في ذلك. ويقل أو يبطل تأثيرها بالتوكل والدعاء والآيات والتعويذات.
ولذا كان شيوع السحر والكهانة وأمثالهما في الفترات بين الرسل وخفاء آثار النبوة واستيلاء الشياطين أكثر، وتضعف وتخفى تلك الأمور عند نشر آثار الأنبياء وسطوع أنوارهم كأمثال تلك الأزمنة، فإنه ليس من دار ولا بيت إلا وفيه مصاحف كثيرة وكتب جمة من الأدعية والأحاديث، وليس من أحد إلا ومعه مصحف أو عوذة أو سورة شريفة، وقلوبهم وصدورهم مشحونة بذلك، فلذا لا نرى منها أثرا بينا في تلك البلاد إلا نادرا في البلهاء والضعفاء والمنهمكين في المعاصي، وقد نسمع ظهور بعض آثارها في أقاصي البلاد، لظهور آثار الكفر وندور أنوار الإيمان فيها، كأقاصي بلاد الهند والصين والترك.
وأما تأثير السحر في النبي والإمام - صلوات الله عليهما - فالظاهر عدم وقوعه وإن لم يقم برهان على امتناعه إذا لم ينته إلى حد يخل بغرض البعثة، كالتخبيط والتخليط، فإنه إذا كان الله سبحانه أقدر الكفار لمصالح التكليف على حبس الأنبياء والأوصياء عليهم السلام وضربهم وجرحهم وقتلهم بأشنع الوجوه فأي استحالة على أن يقدروا على فعل يؤثر فيهم هما ومرضا؟
لكن لما عرفت أن السحر يندفع بالعوذ والآيات والتوكل، وهم عليهم السلام معادن جميع ذلك، فتأثيره فيهم مستبعد، والأخبار الواردة في ذلك أكثرها عامية أو ضعيفة ومعارضة بمثلها، فيشكل التعويل عليها في إثبات مثل ذلك.
وأما ما يذكر من بلاد الترك أنهم يعملون ما يحدث به السحب والأمطار فتأثير أعمال مثل هؤلاء الكفرة في الآثار العلوية وما به نظام العالم مما يأبى عنه العقول