يصلح بعضها للناس وبعضها للبهائم، فلذلك قال " كلوا وارعوا أنعامكم " وهو حال من ضمير " فأخرجنا " على إرادة القول، أي أخرجنا أصناف النبات قائلين: كلوا وارعوا [أنعامكم] والمعنى: معديها لانتفاعكم بالأكل والعلف آذنين فيه " لأولي النهى " أي لذوي العقول الناهية عن اتباع الباطل وارتكاب القبائح، جمع نهية، وعن الصادق عليه السلام: نحن أولوا النهى. وعن الباقر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خياركم أولوا النهى، قيل: يا رسول الله! ومن أولوا النهى؟ قال: هم أولوا الأخلاق الحسنة والأحلام الرزينة، وصلة الأرحام، والبررة بالأمهات والآباء والمتعاهدون للفقراء والجيران واليتامى، ويطعمون الطعام، ويفشون السلام في العالم، ويصلون والناس نيام غافلون.
" منها خلقناكم " فإن التراب أصل خلقة أول آبائكم، وأول مواد أبدانكم وسيأتي وجه آخر في الخبر إن شاء الله. " وفيها نعيدكم " بالموت وتفكيك الاجزاء " ومنها نخرجكم تارة أخرى " بتأليف أجزائكم المتفتتة المختلطة بالتراب على الصور السابقة ورد الأرواح فيها.
" وجعلنا فيها " أي في الأرض، أو في الرواسي " فجاجا سبلا " مسالك واسعة، و إنما قدم " فجاجا " وهو وصف له ليصير حالا يدل على أنه حين خلقها كذلك، أو ليبدل منها " سبلا " فيدل ضمنا على أنه خلقها ووسعها للسابلة، مع ما يكون فيه من التأكيد " لعلهم يهتدون " إلى مصالحهم.
" أولم يروا إلى الأرض " أي أولم ينظروا في عجائبها؟ " من كل زوج كريم " أي محمود كثير المنفعة، وهو صفة لكل ما يحمد ويرضى. قيل: وههنا يحتمل أن تكون مقيدة لما يتضمن الدلالة على القدرة، وأن تكون مبينة منبهة على أنه ما من نبت إلا وله فائدة إما وحده أو مع غيره. و " كل " لإحاطة الأزواج، و " كم " لكثرتها.
" إن في ذلك " أي في إثبات (1) تلك الأصناف، أو في كل واحد " لآية " على أن منبتها تام القدرة والحكمة، سابغ النعمة والرحمة.