تقدم طلوع الكواكب وغروبها للمشرقيين على طلوعها وغروبها للمغربيين، وفي ما بين الشمال والجنوب ازدياد ارتفاع القطب الظاهر وانحطاط الخفي للواغلين في الشمال، وبالعكس للواغلين في الجنوب، وتركب الاختلافين لمن يسير على سمت بين السمتين، إلى غير ذلك من الاعراض الخاصة بالاستدارة يستوي في ذلك راكب البر و راكب البحر، وهذه الجبال وإن شمخت لا تخرجها عن أصل الاستدارة، لأنها بمنزلة الخشونة القادحة في ملاسة الكرة لا في استدارتها.
ومنها الأشياء المتولدة فيها من المعادن والنبات والحيوان والآثار العلوية والسفلية، ولا يعلم تفاصيلها إلا موجدها، ومنها اختلاف بقاعها في الرخاوة والصلابة والدماثة والوعورة بحسب اختلاف الحاجات والأغراض " وفي الأرض قطع متجاورات " ومنها اختلاف ألوانها " ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ".
ومنها انصداعها بالنبات " والأرض ذات الصدع ". ومنها جذبها للماء المنزل من السماء " وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض ". ومنها العيون والأنهار العظام التي فيها " والأرض مددناها " ومنها أن لها طبع الكرم والسماحة، تأخذ واحدة وترد سبعمائة " كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة " ومنها حياتها وموتها " وآية لهم الأرض الميتة أحييناها " ومنها الدواب المختلفة " وبث فيها من كل دابة " ومنها النباتات المتنوعة " وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج " فاختلاف ألوانها دلالة، واختلاف طعومها دلالة، واختلاف روائحها دلالة، فمنها قوت البشر ومنها قوت البهائم " كلوا وارعوا أنعامكم " ومنها الطعام، ومنها الادام، ومنها الدواء ومنها الفواكه، ومنها كسوة البشر نباتية كالقطن والكتان، وحيوانية كالشعر والصوف والإبريسم والجلود، ومنها الأحجار المختلفة بعضها للزينة وبعضها للأبنية، فانظر إلى الحجر الذي تستخرج منه النار مع كثرته، وانظر إلى الياقوت الأحمر مع عزته وانظر إلى كثرة النفع بذلك الحقير، وقلة النفع بهذا الخطير، ومنها ما أودع الله تعالى فيها من المعادن الشريفة كالذهب والفضة.
ثم تأمل أن البشر استنبطوا الحرف الدقيقة، والصنائع الجليلة، واستخرجوا