فتصير أقدر على أفعالها بما لا ينضبط بالقياس، كما وقع للصديقة مريم بنت عمران على نبينا وآله وعلى ابنها وعليها السلام حيث تمثل لها روح القدس بشرا سوي الخلق حسن الصورة، فتأثر نفسها به فتحركت على مقتضى الجبلة، وسرى الأثر من الخيال في الطبيعة، فتحركت شهوتها فأنزلت، كما يقع في المنام من الاحتلام (انتهى).
وأقول: قد مر أن نفوذ إرادة الله سبحانه وقدرته في أمر لا يتوقف على حصول تلك الأسباب العادية، حتى يتكلف أمثال تلك التكلفات التي ربما انتهى القول به إلى نسبة أمور إلى النساء المقدسات المطهرات لا يرضى الله بها، والكف عنها أحوط وأحرى.
ثم قالوا: ابتداء خلقة الجنين (1) هو حصول الماء في الرحم، وشبه بالعجين إذا الصق بالتنور، ثم يتغير عن حاله قليلا ويشبه بالبذر إذا طرح في الأرض ويسمى نطفة، ثم تحصل فيه نقط دموية من دم الحيض ويسمى علقة، ثم يظهر فيه حمرة ظاهرة منه فيصير شبيها بالدم الجامد، ويعظم قليلا، ويهيج فيه ريح حارة ويسمى مضغة ثم يتم ويتميز فيه الأعضاء الرئيسة الثلاثة (2) ويظهر لسائر الأعضاء رسوم خفية ويسمى جنينا، ثم يظهر فيه رسوم سائر الأعضاء ويقوى ويصلب ويجري فيه الروح ويتحرك ويسمى صبيا، ثم تنفصل الرسوم وتظهر الصورة وينبت الشعر، ثم ينفتح لسانه وتتم خلقته. وتكمل خلقة الذكر قبل خلقة الأنثى، وإذا كمل لم يكتف بما