بقد، وأصله أهل. " حين من الدهر " طائفة محدودة من الزمان الممتد الغير المحدود " لم يكن شيئا مذكورا " بل كان نسيا (1) منسيا غير مذكور بالإنسانية كالعنصر، و النطفة، والجملة حال من الانسان أو وصف لحين بحذف الراجع، والمراد بالإنسان الجنس لقوله " إنا خلقنا الانسان من نطفة " أو آدم، بين أولا خلقه، ثم ذكر خلق بنيه من نطفة " أمشاج " أي أخلاط، جمع مشيج أو مشج، من مشجت الشئ إذا خلطته، وجمع (2) النطفة به لان المراد بها مجموع مني الرجل والمرأة، وكل منهما مختلفة الاجزاء في الرقة والقوام والخواص، ولذلك يصير كل جزء منهما مادة عضو وقيل: مفرد كأعشار، وقيل: ألوان، فإن ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اختلطا اخضرا، أو أطوار، فإن النطفة تصير علقة ثم مضغة إلى تمام الخلقة " نبتليه " في موضع الحال، أي مبتلين له بمعنى مريدين اختباره، أو ناقلين له من حال إلى حال فاستعار له الابتلاء " فجعلناه سميعا بصيرا " ليتمكن من مشاهدة الدلائل واستماع الآيات فهو كالمسبب من الابتلاء ولذلك عطف بالفاء على الفعل المقيد به ورتب عليه قوله " إنا هديناه السبيل (3) ".
وقال الطبرسي - رحمه الله -: قد كان شيئا إلا أنه لم يكن مذكورا، لأنه كان ترابا وطينا إلى أن نفخ فيه الروح. وقيل: إنه أتى على آدم أربعون سنة لم يكن شيئا مذكورا لا في السماء ولا في الأرض بل كان جسدا ملقى من طين قبل أن ينفخ فيه الروح.
وروي عن ابن عباس أنه تم (4) خلقه بعد عشرين ومائة سنة.
وروى العياشي بإسناده عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله " لم يكن شيئا مذكورا " قال: كان شيئا ولم يكن مذكورا.