الأحمر، وإن صح أن الدر يخرج من المالح (1) فعلى الأول إنما قال " منهما " لأنه يخرج من مجتمع المالح (2) والعذب، أو لأنهما لما اجتمعا صارا كالشئ الواحد وكان المخرج من أحدهما كالمخرج منها، ذكره البيضاوي (3). وقال الرازي: اللؤلؤ لا يخرج إلا من المالح فكيف قال " منهما "؟ نقول: الجواب عنه من وجوه (4): الأول ظاهر كلام الله أولى بالاعتبار من كلام بعض الناس الذي لا يوثق بقوله، ومن علم أن اللؤلؤ لا يخرج من الماء العذب؟ غاية علمكم (5) أن الغواصين ما أخرجوه إلا من المالح، و لكن لم قلتم (6) إن الصدف لا يخرج اللؤلؤ بأمر الله من الماء العذب إلى الماء المالح؟
وكيف يمكن الجزم به، والأمور الأرضية الظاهرة خفيت عن التجار الذين قطعوا المفاوز وداروا البلاد فكيف لا يخفى عليهم ما في قعور البحور؟ الثاني أن نقول: إن صح قولهم أنه لا يخرج إلا من الماء المالح فنقول فيه وجوه: أحدها أن الصدف لا يتولد فيه اللؤلؤ إلا من ماء المطر وهو بحر السماء، ثانيها أنه يتولد في ملتقاهما ثم يدخل الصدف في البحر المالح عند انعقاد الدر فيه لحال الملوحة، كالمتوخمة التي تشتهي في أوائل الحمل فتثقل هناك فلا يمكنه الدخول في العذب (7). ثم ذكر بعض الوجوه المتقدمة.
وقال الطبرسي - ره -: قيل: يخرج منهما أي من ماء السماء وماء البحر، فإن القطر إذا جاء من السماء تفتحت الأصداف فكان من ذلك القطر اللؤلؤ، عن ابن عباس ولذلك حمل البحرين على بحر السماء وبحر الأرض، وقيل: إن العذب والملح يلتقيان، فيكون العذب كاللقاح للملح، ولا يخرج اللؤلؤ إلا من الموضع الذي يلتقي