أنه ليس الاستشفاء بخصوص المبلول، بل الغالب عدمه. وعلى أي حال لا محيص عن العمل بما هو المشهور في ذلك.
قال المحقق الأردبيلي - قدس سره - الظاهر أنه لا خلاف في تحريم الطين، و ظاهر اللفظ عرفا ولغة أنه تراب مخلوط بالماء. ويؤيده صحيحة معمر بن خلاد - و ذكر الخبر ثم قال - وهذه تدل على أنه بعد اليبوسة أيضا حرام ولا يشترط بقاء الرطوبة ولكن لابد أن يكون ممتزجا فلا يحرم غير ذلك للأصل والعمومات وحصر المحرمات والمشهور بين المتفقهة أنه يحرم التراب والأرض كلها حتى الرمل والأحجار. قال في المسالك: المراد به ما يشمل التراب والمدر لما فيه من الاضرار بالبدن. والضرر مطلقا غير واضح، ولعل وجه المشهور أنه إذا كان الطين حراما وليس فيه إلا الماء والتراب ومعلوم عدم تحريم الماء ولا معنى لتحريم شئ بسبب انضمام محلل، فلو لم يكن التراب محرما لم يكن الطين كذلك، وإنما التراب جزء الأرض فيكون كلها حراما.
وفيه تأمل واضح فتأمل ولا تترك الاحتياط - انتهى -.
وأقول: الوجه الذي حمل الخبر عليه غير ما ذكرنا، ومع احتمال تلك الوجوه بل أظهرية بعضها يشكل الاستدلال بهذا الوجه، ثم الحكم بتحريم ما سوى الطين والتراب من أجزاء الأرض كالحجارة والياقوت والزبرجد وأنواع المعادن مما لا وجه له، والآيات والاخبار دالة على أن الأصل في الأشياء الحل، ولم يرد خبر بتحريم هذه الأشياء، وقياسها على التراب باطل. وأما المستثنى منه وهو حل طين قبر الحسين عليه السلام فالظاهر أنه لا خلاف في حله في الجملة، وإنما الكلام في شرائطه وخصوصياته ولنشر إليها وإلى بعض الأحكام المستفادة من الاخبار:
الأول: المكان الذي يؤخذ منه التربة. ففي بعض الأخبار " طين القبر " وهي تدل ظاهرا على أنها التربة المأخوذة من المواضع القريبة مما جاور القبر، وفي بعضها " طين حائر الحسين عليه السلام " فيدل على جواز أخذه من جميع الحائر وعدم دخول ما خرج منه. وفي بعضها " عشرون ذراعا مكسرة " وهو أضيق، وفي بعضها " خمسة وعشرون ذراعا من كل جانب من جوانب القبر " وفي بعضها " تؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام من