بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٨٦
على ذلك ما ينفي عنه سبحانه المقادير، فإن الظاهر أن الزمان أيضا من المقادير (١) وكذا ما يدل على استحالة التغير وتجدد الحال عليه تعالى، فما يدل على خلاف ذلك مثل قوله تعالى (كل يوم هو في شأن (٢)) وقوله (خلق السماوات والأرض في ستة أيام (٣)) وأمثال ذلك مما مر بعضها فيمكن حملها على ضيق العبارة، فإن أهل اللغة لا يفهمون التجرد من الزمان، ووضعوا الألفاظ للمعاني المتعارفة بينهم وإما لتفهيم عامة الناس، فإن تصور التجرد عن الزمان صعب يحتاج إلى لطف قريحة، وإما أن يكون من قبيل قوله تعالى ﴿هو معكم أينما كنتم﴾ (4) ويكون المعية مع الزمان كالمعية مع المكان بل المكانيات، وإما أن يقال: المنفي عنه تعالى هو الزمان بالذات، والمثبت هو الزمان بالعرض، كما يفهم من كلام السيد الشريف في معنى (السرمد)، وإما أن يكون من قبيل نفي الزمان وإثبات الثمرة، كما في سائر الصفات، فإن الآلة منتفية وثمرة السمع والبصر وغيرهما ثابتة، وكذا مبدء اشتقاق الرحمة والغضب واللطف وغيرها منتفية وثمراتها ثابتة، فالزمان منفي عنه تعالى وثمرته ثابتة من توصيف أفعاله سبحانه بأوصاف الزمانيات من التعاقب والترتيب ووقوعه في اليوم دون أمس إلى غير ذلك إما في الأفعال في أنفسها أو بالنسبة إلينا بلا تغير في ذاته تعالى وتجدد وتصرم بالنسبة إليه سبحانه، وكون بعضها بالفعل وبعضها بالقوة له تعالى، ولا استبعاد فيه، فإن جميع الأمور الإلهية غريبة عجيبة لا تدركها الابصار (5)، ولا يخطر ببال أولي الروايات خاطرة من تقدير جلاله، و لا يصل إليه ألباب البشر بالتفكير، بل ترجع خاسئة حسيرة، ونهاية علم الراسخين

(١) هذا اعتراف منه - رحمه الله - بأن الزمان مقدار كما ذكرنا سابقا انه كم متصل غير قار، وكونه مقدارا يساوق كونه أمرا حقيقيا، فان الأمور الحقيقية لا تنحصر في الجواهر ذات الابعاد، فانا لا نشك في وجود السواد والبياض في الخارج حقيقة وهما من الاعراض، وكونه أمرا حقيقيا ينافي كونه أمرا موهوما فتأمل.
(٢) الرحمن: ٢٩.
(٣) الأعراف: ٥٤.
(٤) الحديد: ٤.
(5) في بعض النسخ: الأفكار.
(٢٨٦)
مفاتيح البحث: الغضب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376