في العلم الاعتراف بالعجز عن إدراك حقيقتها وكيفيتها، فليس لدوامه سبحانه امتداد وطول يمكن انطباقه على الزمان حقيقة كبقاء الممكنات المنطبقة على قطعة من الزمان بل الله تعالى فوق ما يصفه الواصفون وليس مثله شئ.
ويؤيد بعض هذه الوجوه ما رواه الكليني والصدوق في الكافي والمجالس بإسنادهما عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في خطبة الوسيلة: إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود، وإن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم. وفي الكافي في خطبة له عليه السلام: أزله نهية لمجاول الأفكار، ودوامه ردع الطامحات العقول، قد حسر كنهه نوافذ الابصار، وقمع وجوده جوائل الأوهام. والنهية بضم النون وسكون الهاء:
اسم من نهاه ضد أمره، والمجاول جمع مجول بفتح الميم وهو مكان الجولان أو زمانه، والجوائل جمع جائلة من الجولان.
واعلم أن عقل العقلاء في هذه المسألة متحير فكثير من المحققين أثبتوا له سبحانه زمانا وقالوا إنه موهوم (1) انتزاعي نفس أمري ينتزع من بقائه سبحانه كما عرفت وأكثر الحكماء والمحققين ذهبوا إلى استحالة عروض الزمان ومتى للواجب تعالى وللعقول المجردة في الذات والفعل التي كمالاتها بالفعل على زعم الحكماء، [و] قال أرسطو في (اثولوجيا): الشئ الزماني لا يكون إلا في الزمان الذي وافق أن يكون فيه، فأما الفاعل الأول (2) فقد كان لأنه ليس هناك زمان فإن الشئ الملاقي في الزمان المستقبل قائم هناك، فلا محالة أنه هناك يكون موجودا قائما كما سيكون في المستقبل، (3) فالأشياء إذن عند البارئ جل ذكره كاملة تامة زمانية كانت أو غير زمانية، وهي عنده دائما، وكذلك كانت عنده أولا كما تكون عنده أخيرا (4) وقال: الأشياء هناك دائم لا يتغير بل على حال واحد.