بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٩٠
على الألف والعادة ولا أصل لهما أصلا، فصاحب هذا المسلك يقول بأن الزمان والحركات وسلسلة الحوادث كلها متناهية في طرف الماضي، وأن جميع الممكنات ينتهي في جهة الماضي في الخارج إلى عدم مطلق ولا شئ بحت لا امتداد فيه ولا تكمم ولا تدريج ولا قارية ولا سيلان، وقبل ابتداء الموجودات لا شئ إلا الواحد القهار وقوله (ينتهي الموجودات إلى عدم مطلق) وكذا قوله (قبل ابتداء الموجودات لا شئ محض) من ضيق العبارة، ولا تتصور القبلية والانتهاء إلى العدم حقيقة، ونظير تناهي الزمان والامتداد الغير القار تناهي المكان والابعاد القارة، فإن الابعاد القارة والأمكنة تنتهي إلى العدم المطلق للأبعاد والجسمانيات، ولا يتصور وراء آخر الأجسام بعد ولا فضاء، لا بعد موجود ولا موهوم، حتى أنه لو مد أحد يده فيه لا يتحرك يده ولا يلج فيه، لا لوجود حسم لا يمكن خرقه، ولا لمصادم يمنعها، بل للعدم المطلق للبعد والفضاء. وقد روي عن الصادق أنه قال بعد عد أجسام العالم (ولا وراء ذلك سعة ولا ضيق، ولا شئ يتوهم) فكذا الحال في انقطاع الزمان وجميع الموجودات الممكنة في جهة الماضي لا يتصور فيه امتداد أصلا، لا موجود كما زعم الحكماء ولا موهوم كما توهمه المتكلمون، فلا يمكن فيه حركات كما استدل به الحكماء على عدم تناهي الزمان، بل لا شئ مطلق وعدم صرف، ولما ألف الناس بالابعاد القارة وجسم خلف جسم تعسر تصور عدمه على بعض المتكلمين وذهب إلى الابعاد الموهومة الغير المتناهية وقال بالخلاء، وكذا لما شاهدوا موجودا قبل موجود وزمانا قبل زمان صعب عليهم تصور اللاشئ المحض فذهب طائفة من الحكماء إلى لا تناهي الزمان الموجود، وطائفة من المتكلمين إلى لا تناهي الزمان الموهوم، و لكن تصور اللازمان المطلق أصعب من تصور اللا مكان ويحتاج إلى زيادة دقة ولطف قريحة.
وأقول: وهذا الجواب في غاية المتانة، واختاره السيد المرتضى والشيخ الكراجكي وغيرهما، قال السيد في جواب شبهة القائل بالقدم في تضاعيف كلامه:
غير أن الصانع القديم يجب أن تتقدم صنعته بما إذا قدرناه أوقاتا وأزمانا كانت
(٢٩٠)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)، الصدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376