شهر تام وشهر ناقص وشهر رمضان لا ينقص أبدا، وشعبان لا يتم أبدا (1).
تبيين: قال بعض المحققين في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم ما حاصله:
ان أفعاله سبحانه مبنية على الحكم والمصالح، وإن حكمته اقتضت أن تكون أفعاله بالنسبة إلى مخلوقاته على قسمين: قسم يصدر عنه في كل آن إرادة دفعية بدون توقفه على مادة أو مدة، وقسم الا يصدر عنه إلا بعد مدة أجرى عادته بحصول استعداد مادته له في تلك المدة على سبيل التدريج، وإن خلق الماء الذي جعله مادة لسائر الأجسام والجسمانيات وما يشبهه من القسم الأول، وخلق السماوات والأرضين وما في حكمهما من القسم الثاني، وهذا حكم أطبق عليه جميع المليين وكثير من قدماء الفلاسفة، فما ذكره المفسرون من أن معنى خلق السماوات والأرض ابداعهما لا من شئ ليس بشئ، ويدل عليه خطب أمير المؤمنين عليه السلام وغيرها.
ثم إن القسم الثاني يستدعي بالنسبة إلى كل مخلوق قدرا معينا من الزمان كما يرشد إليه تتبع الأزمنة المعينة التي جرت عادته تعالى أن يخلق فيها أصناف النباتات من موادها العنصرية، وأنواع الحيوانات من مواد نطفها في أرحام أمهاتها فعلى ذلك خلق السماوات والأرض من مادتها التي هي الماء بعد خصوص القدر المذكور من الزمان إنما هو من هذا القبيل [و] أما خصوص الحكمة الداعية إلى إجراء عادته بخلق تلك الأمور من موادها على التدريج ثم تقدير قدر خاص وزمان محدود لكل منها فلا مطمع في معرفته، فإنه من أسرار القضاء والقدر التي لا يمكن أن يحيط بها عقل البشر، ولذلك كتم عنا بل عن بعض المقربين والمرسلين بل سد علينا وعليهم باب الفحص والتفتيش بالنهي الصريح الدال عليه كثير من القرآن والخبر.
ثم إن اليوم عبارة عن زمان تمام دورة للشمس بحركتها السريعة العادية الموسومة باليومية، فكيف يتصور أن يكون خلق السماوات الحاملة للشمس وغيرها من الكواكب في عدة من الزمان المذكور؟ وهل لا يكون تكون الدائر في زمان