ووجود الواجب سبحانه أمر ثابت لا يتصور فيه شائبة تدريج وانقسام، فأي مناسبة بينه وبين ما ينتزع منه؟ فجوابه أن ما ادعيت من لزوم تحقق المناسبة بين كل انتزاعي ومنشأ انتزاعه حكم غير بين ولا مبين، ولئن سلمنا لزومه فهو لا ينحصر فيما نفهمه من الزمان من معنى التجدد والاتصال، ولعله تتحقق مناسبة ما بينهما من جهة أخرى خفية عن إدراكنا، وعدم الوجدان لا يعطي العدم، ألا ترى أن أكثر الانتزاعيات كالزوجية والفردية والفوقية والتحتية وغيرها ينتزع من محالها ولا يحكم وجداننا بتحقق مناسبات تفصيلية كل منتزع وما ينتزع منه، وذلك إما لعدم لزوم تحققها في الواقع، أو لعدم اطلاعنا على تفاصيلها، وأيام ما كان فليكن الامر فيما نحن بصدده كذلك، على أنه يرد مثل ذلك على الفلاسفة أيضا، إذ الزمان والحركة بمعنى القطع منتزعان عندهم من الآن السيال والحركة التوسطية مع مباينتهما فيما ذكره المورد من الأوصاف (1).
(٢٨٢)