وأقول: ما أشبه هذه المزخرفات بالخرافات والخيالات الواهية والأوهام الفاسدة، ولا يتوقف تصحيح شئ مما ذكروه على القول بهذا المذهب السخيف، و بسط القول فيه يؤدي إلى الاطناب، وأما الأجساد المثالية التي قلنا بها فليس من هذا القبيل كما عرفت تحقيقه في المجلد الثالث، وأكثر أخبار هذا الباب يمكن حملها على ظواهرها، إذ لم يدر أحد سوى الأنبياء والأوصياء ما حول جميع العالم حتى يحكم بعدمها، وما قاله الحكماء والرياضيون في ذلك فهو على الخرص والتخمين والله الهادي إلى الحق المبين.
(تنبيه) قد يستدل على ثبوت عالم المثال بما رواه الشيخ البهائي - ره - في كتاب (مفتاح الفلاح) عند تأويل ما ورد في دعاء التعقيب (يامن أظهر الجميل وستر القبيح) عن الصادق عليه السلام أنه قال: ما من مؤمن إلا وله مثال في العرش، فإذا اشتغل بالركوع والسجود ونحوهما فعل مثاله مثل فعله، فعند ذلك تراه الملائكة عند العرش ويصلون (1) ويستغفرون له، وإذا اشتغل العبد بمعصية أرخى الله تعالى على مثاله سترا لئلا تطلع الملائكة عليها، فهذا تأويل (يا من أظهر الجميل وستر القبيح) (انتهى).
وأقول: وإن أمكن تأويله (2) على ما ذكروه، لكن ليس فيه دلالة على الخصوصيات التي أثبتوها، ولا على عمومها في كل شئ، وكذا الكلام فيما ورد من كون صورة أمير المؤمنين والحسنين عليهم السلام ورؤية الرسول صلى الله عليه وآله وآدم عليه السلام أشباح الأئمة عليهم السلام عن يمين العرش، وأمثال ذلك كثيرة والكلام في الجميع واحد، و نحن لا ننكر وجود الأجسام المثالية وتعلق الأرواح بها بعد الموت، بل نثبتها لدلالة الأحاديث المعتبرة الصريحة عليها، بل لا يبعد عندي وجودها قبل الموت أيضا فتتعلق