بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٣٤
وفي قريب من عصرنا لما ولع الناس بمطالعة كتب المتفلسفين، ورغبوا عن الخوض في الكتاب والسنة وأخبار أئمة الدين، وصار بعد العهد عن أعصارهم عليهم السلام سببا لهجر آثارهم، وطمس أنوارهم، واختلطت الحقائق الشرعية بالمصطلحات الفلسفية صارت هذه المسألة معترك الآراء ومصطدم الأهواء، فمال كثير من المتسمين بالعلم المنتحلين للدين، إلى شبهات المضلين، وروجوها بين المسلمين فضلوا وأضلوا، وطعنوا على أتباع الشريعة حتى ملوا وقلوا، حتى أن بعض المعاصرين (1) منهم يمضغون بألسنتهم، ويسودون الأوراق بأقلامهم أن ليس في الحدوث إلا خبر واحد هو (كان الله ولم يكن معه شئ) ثم يؤولونه بما يوافق آراءهم الفاسدة، فلذا أوردت في هذا الباب أكثر الآيات والاخبار المزيحة للشك والارتياب، وقفيتها بمقاصد أنيقة، ومباحث دقيقة، تأتي بنيان شبههم من قواعدها وتهزم جنود شكوكهم من مراصدها، تشييدا لقواعد الدين، وتجنبا من مساخط رب العالمين، كما روي عن سيد المرسلين صلى الله عليه وآله: إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، وإلا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
(المقصد الأول) * (في بيان معاني الحدوث والقدم) * المشهور أن للحدوث معنيين: الذاتي، والزماني. والمستفاد من كلام الشيخ أن معنى الحدوث هو المسبوقية بالعدم إما بالذات لا بالزمان وهو الحدوث الذاتي، وإما بالزمان وهو الحدوث الزماني. وهو المتبادر (2) من لفظ الحدوث

(1) في المخطوطة: القاصرين.
(2) كأن الجملة الأخيرة أعني قوله (وهو المتبادر..) من كلام المؤلف - رحمه الله لأنا لم نجدها في شئ من كلمات الشيخ في الشفاء والإشارات والنجاة والتعليقات، على أنها غير مشابهة لكلامه كما يعرفه العريف بلحن قوله. ولعله استفاده ذلك من كلامه في الشفاء حيث قال (ص: 526): (فان أطلق اسم الحدث على كل ماله ايس بعد ليس كان كل معلول حادثا، وإن لم يكن يطلق بل كان شرط المحدث ان يوجد زمان ووقت كان قبله فبطل بمجيئه بعده إذ يكون بعديته لا يكون مع القبلية موجودة بل يكون ممائزة في الوجود لأنها زمانية فلا يكون كل معلول محدثا بل المعلول الذي يسبق وجوده زمان ويسبق وجوده لا محالة حركة و تغير كما علمت ونحن لا نناقش في الأسماء إلى أن قال فإن كان وجوده بعد ليس مطلق كان صدوره عن العلة ذلك الصدور إبداعا ويكون أفضل أنحاء اعطاء الوجود لان العدم يكون قد منع البتة وسلط عليه الوجود) إلى آخره.
(٢٣٤)
مفاتيح البحث: الإبداع، البدعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376