وسابقا على حد آخر كذلك حتى يكون مستقبلا بالقياس إليه (1)، وأما مقارنة الحق القديم للزمان وتحققه معه في نفس الامر من الأزل إلى الأبد فلا شك في صحته ووقوعه، ويكفي في اتصافه تعالى بالزماني تحقق المعنى الثاني، وليس لمفهوم [لفظ] الزماني لغة ولا اصطلاحا اختصاص بما يقارنه الزمان على النحو الأول وأما اتصافه سبحانه بالمكاني فإنه إنما منع لأنه لم يتحقق المقارنة بين ذاته تعالى وبين المكان بشئ من المعنيين، لا بمعنى إحاطة المكان به ولا بمعنى مقارنة وجوده لوجوده أزلا وأبدا، ولا شك أن اتصافه سبحانه بالزماني بهذا المعني مما لا ينكره العقل ولا النقل، بما ورد في النصوص من توصيفه بالباقي، والدائم، والسرمدي والأزلي والأبدي، مما يشهد بصدقه ويؤذن بأن النصوص الدالة على نفي اتصافه بالزماني إنما المراد بها نفي إحاطة الزمان بوجوده الحق، على ما هو شأنه مع المتغيرات الحادثة في حد منه دون حد، أو أنه لا يتقدر وجوده سبحانه بالليل والنهار والشهور والسنين.
الطريق الثاني بناء الجواب على عدم كونه سبحانه زمانيا كما أومأنا إليه سابقا، وعليه شواهد كثيرة من الاخبار أشرنا إلى بعضها في مواضعها، وقد مر كثير منها في كتاب التوحيد نحو ما رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بزمان ولا مكان ولا حركة ولا انتقال ولا سكون، بل هو خالق الزمان والمكان والحركة والسكون، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. وما رواه عن أبي إبراهيم عليه السلام أنه قال: إن الله تبارك وتعالى لم يزل بلا زمان ولا مكان، وهو