بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٨٤
وسابقا على حد آخر كذلك حتى يكون مستقبلا بالقياس إليه (1)، وأما مقارنة الحق القديم للزمان وتحققه معه في نفس الامر من الأزل إلى الأبد فلا شك في صحته ووقوعه، ويكفي في اتصافه تعالى بالزماني تحقق المعنى الثاني، وليس لمفهوم [لفظ] الزماني لغة ولا اصطلاحا اختصاص بما يقارنه الزمان على النحو الأول وأما اتصافه سبحانه بالمكاني فإنه إنما منع لأنه لم يتحقق المقارنة بين ذاته تعالى وبين المكان بشئ من المعنيين، لا بمعنى إحاطة المكان به ولا بمعنى مقارنة وجوده لوجوده أزلا وأبدا، ولا شك أن اتصافه سبحانه بالزماني بهذا المعني مما لا ينكره العقل ولا النقل، بما ورد في النصوص من توصيفه بالباقي، والدائم، والسرمدي والأزلي والأبدي، مما يشهد بصدقه ويؤذن بأن النصوص الدالة على نفي اتصافه بالزماني إنما المراد بها نفي إحاطة الزمان بوجوده الحق، على ما هو شأنه مع المتغيرات الحادثة في حد منه دون حد، أو أنه لا يتقدر وجوده سبحانه بالليل والنهار والشهور والسنين.
الطريق الثاني بناء الجواب على عدم كونه سبحانه زمانيا كما أومأنا إليه سابقا، وعليه شواهد كثيرة من الاخبار أشرنا إلى بعضها في مواضعها، وقد مر كثير منها في كتاب التوحيد نحو ما رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بزمان ولا مكان ولا حركة ولا انتقال ولا سكون، بل هو خالق الزمان والمكان والحركة والسكون، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. وما رواه عن أبي إبراهيم عليه السلام أنه قال: إن الله تبارك وتعالى لم يزل بلا زمان ولا مكان، وهو

(١) لسائل أن يسأل: هل تجوزون أنتم هذا التأول في نفى المكانية عنه تعالى بأن يقال:
معنى كونه تعالى غير مكاني أنه لا يقارن مكانا أوسع من ذاته فيبقى بعض أجزاء المكان خاليا فيعتبر مكان سابق على ذاته؟ ولا حق لذاته! وإن لم تجوزوا ولن تجوزوا فما المصحح له في نفى الزمانية عنه سبحانه ودعوى ظهور النصوص في كونه تعالى مقارنا لزمان أزلي أبدى كدعوى ظهورها في كونه سبحانه مقارنا لمكان غير متناه من كل طرف والحل أن معنى هذه الروايات إحاطته تعالى بكل شئ إحاطة لا يشذ عن دائرتها أي شئ، وان بلغ من الامتداد والوساعة إلى حيث يعجز الوهم عن نيله لا مقارنته للزمان الغير المتناهى من جهة البدء والنهاية أو للمكان الغير المتناهى من كل جهة.
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376