بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٦
ونبه على أنه المستحق له على هذه النعم الجسام حمد أو لم يحمد ليكون حجة على الذين هم بربهم يعدلون، وجمع السماوات دون الأرض وهي مثلهن لان طبقاتها مختلفة بالذات متفاوتة الآثار والحركات وقدمها لشرفها وعلو مكانها (وجعل الظلمات والنور) أي أنشأهما والفرق بين (خلق) و (جعل) الذي له مفعول واحد أن (خلق) فيه معنى التقدير و (جعل) فيه معنى التضمين، ولذلك عبر عن إحداث النور والظلمة بالجعل تنبيها على أنهما لا يقومان بأنفسهما كما زعمت الثنوية وجمع الظلمات لكثرة أسبابها والاجرام الحاملة لها أو لان المراد بالظلمة الضلال وبالنور الهدى، والهدى واحد والضلال متعدد. وتقديمها لتقدم الاعدام على الملكات.
(في ستة أيام) المشهور أن المراد بالأيام هنا مقدار أيام الدنيا، وروي عن ابن عباس أنها من أيام الآخرة كل يوم منها ألف سنة مما تعدون.
أقول: وبمثل هذا الخبر لا يمكن صرف الآية عن ظاهرها. ثم إنه سبحانه إنما خلق في هذه المدة مع أنه كان قادرا على خلقها في طرفة عين إما لعبرة من خلقها من الملائكة، إذ الاعتبار في التدريج أكثر كما ورد في الخبر، أو ليعلم بذلك أنها صادرة من قادر مختار عالم بالمصالح ووجوه الاحكام، إذ لو حصلت من مطبوع أو موجب لحصلت في حالة واحدة، أو ليعلم الناس التأني في الأمور وعدم الاستعجال فيها كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام (ولو شاء أن يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق ولكنه جعل الاناء (1) والمداراة مثالا لأمنائه وإيجابا للحجة على خلقه).
وأورد هنا إشكال وهو أن اليوم إنما يحصل بحركة الشمس وطلوعها وغروبها فما معنى اليوم ههنا؟ ويمكن أن يجاب بوجوه:
الأول: أن مناط تمايز الأيام وتقدرها إنما هو حركة الفلك الأعلى دون السماوات السبع، والمخلوق في الأيام المتمايزة إنما هو السماوات السبع و

(1) الاناء، بفتح الهمزة اسم من الايناء أي الابطاء والتأخير.
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376