عدد النفوس ووجوب تعلق كل واحدة بالأبدان لا على سبيل التناسخ كما ذهب إليه أرسطو ومن تأخر عنه، أما لو قيل بقدمها وحدوث تعلقها بالأبدان كما ذهب إليه أفلاطون ومن تبعه فإنه ذهب إلى قدم النفس وحدها وحدوث سائر العالم وتناهي الأبدان أو قيل بجواز تعلق نفس واحدة بأبدان كثيرة غير متناهية على سبيل التناسخ وأن في المعاد يرجع النفس مع بدن واحد فلا يتم أصلا.
نعم القول بقدم النفوس البشرية بالنوع وحدوثها بحدوث الأبدان على سبيل التعاقب وعدم تناهيها كما ذهب إليه المشائيون على ما نقل عنهم المتأخرون مما لا يجتمع مع التصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله بل الأنبياء عليهم السلام من وجوه أخر أيضا:
الأول: التصديق بوجود آدم وحواء على ما نطق به القرآن والسنة المتواترة مشروحا.
الثاني: أنهم ذهبوا إلى قدم هيولي العناصر بالشخص وتعاقب صور غير متناهية عليها فلا بد لهم من القول بتكون أبدان غير متناهية من حصص تلك الهيولي وتعلق صور نفوس غير متناهية بكل حصة منها. وعندهم أيضا أنه لا يمكن اجتماع صورتين في حصة من تلك الهيولي دفعة، فيلزمهم اجتماع نفوس غير متناهية في بدن واحد إن اعترفوا بالمعاد الجسماني. إلى غير ذلك من المفاسد تركناها روما للاختصار.
(المقصد الرابع) في ذكر نبذ من الدلائل العقلية على هذا المقصد وإن كان خارجا عن مقصود الكتاب، تشييدا لهذا المقصد من كل باب، وإن أفضى إلى بعض الاطناب. وهو مشتمل على مطالب:
المطلب الأول: في إبطال التسلسل مطلقا (1) وهو مفتقر إلى تمهيد مقدمات: