غير متناهية ولا محصورة. فدل على أنه لا يقول بقدم الزمان، بل يقدره ويفرضه وقد مضى تصريحه رضي الله عنه بحدوث الزمان، وأنه سبحانه ابتدأ ما أحدثه من غير زمان، وأن الزمان مقدار حركة (1) الفلك في المقصد الثاني.
وقال الكراجكي: اعلم أن الملحدة لما لم تجد حيلة تدفع بها وجوب تقدم الصانع على الصنعة قالت إنه متقدم عليها تقدم رتبة لا تقدم زمان، فيجب أن نطالبهم بمعنى تقدم الرتبة، وقد سمعنا قوما منهم يقولون إن معنى ذلك أنه الفعال فيها والمدبر لها، فسألناهم هل يدافع ذلك عنها حقيقة الحدث فعادوا إلى الكلام الأول من أن كل واحد من أجزاء الصنعة محدث، فأعدنا عليهم ما سلف حتى لزمهم الاقرار بحدث الكل، وطالبناهم بحقيقة المحدث والقديم فلم يجدوا مهربا من القول بتقدم القديم في الوجود على المحدث التقدم المفهوم المعلوم الذي يكون أحدهما به موجودا والآخر معدوما، ولسنا نقول إن هذا التقدم موجب للزمان، لان الزمان أحد الأفعال، والله تعالى متقدم لجميع الأفعال وليس أيضا من شرط التقدم والتأخر في الوجود أن يكون ذلك في زمان، لان [الزمان] نفسه قد يتقدم بعضه على بعض ولا يقال إن ذلك مقتض لزمان آخر، والكلام في هذا الموضع جليل، ومن فهم الحق فيه سقطت عنه شبه كثيرة.
وقال - ره - بعد إيراد جواب السيد عن شبهة القائل بالقدم: وجميع ما تضمنه من إطلاق القول بأن بين القديم وأول المحدثات أوقاتا لا أول لها فإنما المراد به تقدير أوقات دون أن يكون القصد أوقاتا في الحقيقة، لان الأوقات أفعال، وقد ثبت أن للأفعال أولا، فلو قلنا إن بين القديم وأول الأفعال أوقاتا في الحقيقة لناقضناه، ودخلنا في مذهب خصمنا، نعوذ بالله من القول بهذا. ثم قال: وقال بعض أهل العلم: لا ينبغي أن نقول بين القديم وبين المحدث لأن هذه اللفظة إنما تقع بين شيئين محدودين، والقديم لا أول له، والواجب أن نقول: إن وجود القديم لم يكن عن عدم. وساق الكلام إلى أن قال: ولسنا نريد بذلك