بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٨٣
وكذا ما قيل من أن اتصافه تعالى بالبقاء يتوقف على تحقق زمان، إذا لمفهوم منه وجود أمر في آن مسبوق بوجود ذلك الامر في آن آخر يتقدمه، فلو كان الزمان منتزعا من الذات المتصفة بالبقاء لزم الدور، مدفوع بأن هذه العبارة صدرت منهم مسامحة واتكالا على وضوح الامر، بل المنشأ لانتزاع الزمان هو وجوده سبحانه الذي يمتنع عليه طريان العدم بمدخلية هذا الوصف، وظاهر أن هذا الوصف ثابت له سبحانه في ذاته من غير توقف على اعتبار بقاء أو زمان أو غير ذلك، لان هذا الوصف من لوازم الوجود الذاتي الذي هو عين ذاته، أو أمر لا يحتاج ثبوته للذات إلى أمر سوى الذات، ومجرد الاستلزام بين الوصف المذكور والبقاء غير كاف فيما المعترض بصدده كما لا يخفى، فإن انتزاع البقاء بالمعنى المذكور عن الذات متأخر عن ثبوت هذا الوصف، بل عن انتزاع الزمان أيضا.
وأورد عليه أيضا أنه لو كان منتزعا منه سبحانه لكان صفة له كما هو شأن سائر ما ينتزع منه، كالعلم والإرادة والقدرة والخلق وغير ذلك من المعاني المصدرية والتالي باطل لأنه سبحانه لا يتصف بالزمان لا بالحمل مواطاة وهو ظاهر، ولا اشتقاقا لأنه ليس بزماني كما أنه ليس بمكاني كما تشهد به العقول السليمة والنصوص الواردة عن الصادقين عليهم السلام.
وأجيب عنه أولا بأنا لا نسلم أن كل ما ينتزع من شئ يجب أن يكون صفة له، لان مناط كون شئ صفة لشئ هو وجود العلاقة الناعتية بينهما، وكون انتزاع شئ من شئ مطلقا مستلزما لوجود تلك العلاقة غير بين ولا مبين، ومن تصدى له فعليه البيان (1)، وأما ثانيا فلانا لو سلمنا ذلك نقول: ما ورد من النصوص من أنه ليس بزماني ولا مكاني معناه أنه كما لا يحيط به مكان حتى يكون ظرفا له مشتملا عليه كذلك لا يحيط به زمان حتى يتقدم عليه جزء من ذلك الزمان، أو يتأخر عنه جزء آخر منه، فيكون وجوده مقارنا لحد خاص من الزمان مسبوقا بحد آخر منه خال عن وجوده، فيكون ذلك الحد ماضيا بالنسبة إلى وجوده الحق

(1) قد عرفت لزوم العلاقة بين العنوان المنتزع ومنشأ الانتزاع في البيان السابق.
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376