بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٨٩
سبيل الاحتمال كاف لحل بعض شبهاتهم على الحدوث. وقيل: ومما يدل من جهة العقل على استحالة عروض الزمان له تعالى أن الزمان حقيقته تجدد شئ، و تقضي شئ وتصرمه وهذا ظاهر عند العقل ومبين مشروحا في الكتب، وتجدد شئ وانقضاء شئ آخر محال على الله تعالى كما يدل عليه العقل والنقل (انتهى) وإذا تمهد هذا مع ما نقلنا سالفا من تحقيق الدهر والسرمد نقول في دفع شبههم:
على تقدير الحدوث لا نسلم لزوم التخلف عن العلة التامة، وإنما يتصور التخلف لو كانت العلة زمانية ووجدت العلة في زمان ولم يوجد المعلول معه في ذلك الزمان وهنا لعل العلة أو العلة والمعلول كليهما لم يكونا زمانيين، أما العلة فقد مر، و أما المعلول فالكلام في الصادر الأول، وهناك لم يوجد زمان وزماني أصلا، ولا شئ إلا الواحد القهار. وبالجملة إذا كانت العلة والمعلول كلاهما زمانيين يجب أن يجمعهما آن أو زمان، وإلا فلا، ونظيره التخلف المكاني، فإنه لو كانا مكانين يتصور الاجتماع والافتراق والمماسة والمماسة، وأما إذا لم يكن أحدهما أو كلاهما مكانين لم يتصور أمثال هذه الأمور، وكذا إنما يتصور الترجيح بلا مرجح إذا كان تحقق زمان وقع أمر في جزء منه دون جزء، وصدر المعلول من العلة مرة ولم يصدر مرة أخرى، وقبل خالق العالم الزمان والزمانيات معدومة مطلقا ونفي صرف لا يجري فيه أمثال هذه الأوهام الكاذبة المخترعة الناشئة من الألفة بالزمان والمكان. ولعله يذهب بعض الأوهام إلى أن العالم لم وجد في المكان الذي فيه الآن ولم يوجد فوقه أو تحته أو غيرهما من الجهات؟ إلى غير ذلك من الأوهام والخيالات الواهية! والواجب جل شانه مقدس عن أمثال هذه الأمور ولا يبلغ إلى كنه عظمته وجلاله عقل عاقل وذهن ذاهن، ولا يحوم حول كبريائه فكر مخلوق وما قيل إنا نجزم بأن بعض الأمور مقدم على بعض وأن بعضها مع بعض ولو لم يكن الامتداد كذلك، بل ولو لم يكن فلك ولا حركة ولا ليل ولا نهار فممنوع، ومثل هذا ما يقال في الامتداد المكاني انا نجزم بتقدم بعض الحدود على البعض بالتقدم والتأخر الوضعي والرتبي ولو لم يكن جسم ومتمكن، وبه يثبتون البعد الموهوم الغير المتناهي الذي هو الخلاء، ولعل توهم هذين الامتدادين مما يحكم به الوهم
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376