بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٧٥
كانا معدومين فيها، واجتمع معهما عدم الحادث الثالث، ضرورة أن عدم كل حادث أزلي، وأن عدم الحادث المتأخر وإن كان أطول امتدادا من الحادث المتقدم إلا أن الكل متحقق في ظرف الزمان إذ طبيعة الزمان أزلية عندهم، والاعدام كلها أزلية فلا بد من اجتماعها قطعا في زمان ما، ويجتمع مع هذه الاعدام الثالث عدم الحادث الرابع، وهكذا على ترتيب الآحاد على التوالي، فإما أن يستغرق هذا الاجتماع أعدام جميع الآحاد فيكون جميع الحوادث معدوما في مرتبة ما من المراتب الواقعية فتأخر جميع الحوادث عن تلك المرتبة الواقعية، ويكون الجميع معدوما في تلك المرتبة فيكون لها مبدأ وانقطاع، وهو المطلوب (1). وإن لم يستغرق فينتهي إلى حادث معين لا يجتمع عدمه مع عدم ما قبله من الحوادث إما لان هذا الحادث لا يسبقه عدمه فيكون قديما بالشخص، وإما لان الحادث الذي قبله لا يسبقه عدم أزلي فيكون ذلك قديما، ضرورة أنه لو تقدمهما عدم أزلي يجب اجتماعهما مع ما تأخر عنهما، فنقطع سلسلة الحوادث على أي تقدير.
لا يقال: كل جمله متناهية يجتمع في العدم ويتحقق عدم سابق على الجميع وأما جملة الحوادث الغير المتناهية فلا.
لأنا نقول: قد بينا أن هذا الحكم مستغرق لجميع الآحاد على التوالي وقد مر في المقدمات الممهدة أن أمثال هذه الأحكام على كل فرد تسري إلى الجملة، فلا مجال لهذا التوهم (2).

(1) ان أريد باثبات العدم الأزلي لكل حادث حادث عدم وجود كل واحد من الحوادث في زمان غير متناه من جهة البدء فلا يمكن فرض ذلك في الجميع، لأنه ليس قبل الجميع زمان لا متناه ولا غير متناه، لان الزمان أيضا من الجميع، كيف وهو مقدار الحركة والحركة تختص بالحوادث، وان أريد بالعدم الأزلي للكل عدمه في وعاء آخر غير الزمان فلا يثبت به الحدوث الزماني لسلسلة الحوادث.
(2) سريان حكم الفرد إلى الجميع إنما هو في ما إذا كان ملاك الحكم الثابت لكل فرد موجودا في الجميع بعينه، لكن حكم المسبوقية بالعدم الأزلي بمعنى العدم المقارن للزمان الغير المتناهى إنما يثبت لكل واحدة من الحوادث بلحاظ مسبوقيتها بحوادث غير متناهية، فإذا اعتبرنا جميع الحوادث بحيث لا يشذ منها شئ لم يمكن تصور هذا الملاك فيه، لان الجميع غير مسبوق بحوادث غير متناهية إذ لا حادث آخر وراء الجميع فافهم واعرف به الخلل في التقريرات الآتية.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376