فلم يدع شيئا من القبيح إلا قاله في أبي عبد الله، ثم خرج وخرجنا، فأقبل يحدثنا من الموضع الذي قطع كلامه، فقال بعضنا: لقد استقبلك هذا بشئ ما ظننا أن أحدا يستقبل به أحدا، حتى لقد هم بعضنا أن يخرج إليه فيوقع به، فقال: مه لا تدخلوا فيما بيننا.
فلما مضى من الليل ما مضى، طرق الباب طارق فقال للجارية: انظري من هذا؟ فخرجت ثم عادت فقالت: هذا عمك عبد الله بن علي قال لنا: عودوا إلى مواضعكم، ثم أذن له فدخل بشهيق ونحيب وبكاء وهو يقول: يا ابن أخي اغفر لي غفر الله لك، اصفح عني صفح الله عنك، فقال: غفر الله لك يا عم، ما الذي أحوجك إلى هذا؟ قال: إني لما أويت إلى فراشي أتاني رجلان أسودان فشدا وثاقي ثم قال أحدهما للآخر: انطلق به إلى النار، فانطلق بي فمررت برسول الله فقلت:
يا رسول الله لا أعود، فأمره فخلى عني، وإني لأجد ألم الوثاق، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أوص قال: بم أوصي مالي مال، وإن لي عيالا كثيرا، وعلي دين فقال أبو عبد الله عليه السلام: دينك علي وعيالك إلى عيالي فأوصى، فما خرجنا من المدينة حتى مات، فضم أبو عبد الله عليه السلام عياله إليه، وقضى دينه، وزوج ابنه ابنته (1).
51 - الخرائج: روي عن الحسن بن راشد قال: ذكرت زيد بن علي فتنقصته عند أبي عبد الله فقال: لا تفعل! رحم الله عمي، أتى أبي فقال: إني أريد الخروج على هذا الطاغية، فقال: لا تفعل، فاني أخاف أن تكون المقتول المصلوب على ظهر الكوفة، أما علمت يا زيد أنه لا يخرج أحد من ولد فاطمة على أحد من السلاطين قبل خروج السفياني إلا قتل، ثم قال: ألا يا حسن إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار، وفيهم نزلت " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات " فإن الظالم لنفسه الذي لا يعرف الامام، والمقتصد العارف بحق الامام، والسابق بالخيرات هو الامام ثم قال: يا حسن إنا أهل بيت لا يخرج أحدنا من الدنيا حتى يقر لكل ذي