رأسها فقالت لها: اجلسي عند رأسي فإذا جاء وقت الصلاة فأقيميني فإن قمت وإلا فأرسلي إلى علي.
فلما جاء وقت الصلاة قالت: الصلاة يا بنت رسول الله، فإذا هي قد قبضت فجاء علي فقالت له: قد قبضت ابنة رسول الله قال علي: متى؟ قالت حين أرسلت إليك قال: فأمر أسماء فغسلتها وأمر الحسن والحسين (عليهما السلام) يدخلان الماء ودفنها ليلا وسوى قبرها فعوتب (على ذلك) فقال: بذلك أمرتني.
وروي أنها بقيت بعد أبيها أربعين صباحا ولما حضرتها الوفاة قالت لأسماء:
إن جبرئيل أتى النبي (صلى الله عليه وآله) لما حضرته الوفاة بكافور من الجنة فقسمه أثلاثا ثلثا لنفسه، وثلثا لعلي وثلثا لي، وكان أربعين درهما فقالت: يا أسماء ائتيني ببقية حنوط والدي من موضع كذا وكذا فضعيه عند رأسي فوضعته، ثم تسجت بثوبها وقالت: انتظريني هنيهة وادعيني فإن أجبتك وإلا فاعلمي أني قد قدمت على أبي (صلى الله عليه وآله).
فانتظرتها هنيهة ثم نادتها فلم تجبها فنادت: يا بنت محمد المصطفى! يا بنت أكرم من حملته النساء! يا بنت خير من وطئ الحصا! يا بنت من كان من ربه قاب قوسين أو أدنى! قال: فلم تجبها، فكشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الدنيا فوقعت عليها تقبلها وهي تقول: فاطمة! إذا قدمت على أبيك رسول الله فاقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام.
فبينا هي كذلك إذ دخل الحسن والحسين فقالا: يا أسماء ما ينيم أمنا في هذه الساعة؟ قالت: يا ابني رسول الله ليست أمكما نائمة، قد فارقت الدنيا فوقع عليها الحسن يقبلها مرة ويقول: يا أماه كلميني قبل أن تفارق روحي بدني قالت:
وأقبل الحسين يقبل رجلها ويقول: يا أماه أنا ابنك الحسين كلميني قبل أن يتصدع قلبي فأموت.
قالت لها أسماء: يا ابني رسول الله انطلقا إلى أبيكما علي فأخبراه بموت أمكما، فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء، فابتدرهما جميع الصحابة فقالوا ما يبكيكما يا ابني رسول الله لا أبكى الله أعينكما لعلكما نظرتما