قل صبري وبان عني عزائي بعد فقدي لخاتم الأنبياء عين يا عين أسكبي الدمع سحا ويك لا تبخلي بفيض الدماء يا رسول الاله يا خيرة الله * وكهف الأيتام والضعفاء قد بكتك الجبال والوحش جمعا والطير والأرض بعد بكي السماء وبكاك الحجون والركن والمشغر يا سيدي مع البطحاء وبكاك المحراب والدرس للقرآن في الصبح معلنا والمساء وبكاك الاسلام إذ صار في الناس غريبا من سائر الغرباء لو ترى المنبر الذي كنت تعلوه علاه الظلام بعد الضياء يا إلهي عجل وفاتي سريعا فلقد تنغصت الحياة يا مولائي قالت: ثم رجعت إلى منزلها وأخذت بالبكاء والعويل ليلها ونهارها، وهي لا ترقأ دمعتها. ولا تهدأ زفرتها.
واجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فقالوا له:
يا أبا الحسن إن فاطمة (عليها السلام) تبكي الليل والنهار فلا أحد منا يتهنأ بالنوم في الليل على فرشنا، ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا، وإنا نخبرك أن تسألها إما أن تبكي ليلا أو نهارا، فقال (عليه السلام): حبا وكرامة.
فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى دخل على فاطمة (عليها السلام) وهي لا تفيق من البكاء، ولا ينفع فيها العزاء فلما رأته سكنت هنيئة له، فقال لها: يا بنت رسول الله - (صلى الله عليه وآله) - إن شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك إما أن تبكين أباك ليلا وإما نهارا.
فقالت: يا أبا الحسن ما أقل مكثي بينهم وما أقرب مغيبي من بين أظهرهم فوالله لا أسكت ليلا ولا نهارا أو ألحق بأبي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لها علي (عليه السلام): افعلي يا بنت رسول الله ما بدا لك.
ثم إنه بنى لها بيتا في البقيع نازحا عن المدينة يسمى بيت الأحزان، وكانت إذا أصبحت قدمت الحسن والحسين (عليهما السلام) أمامها، وخرجت إلى البقيع باكية