اللجج الدائرة، فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته، وآخر ما بقي منها لمسجد قدسه، قال ابن عباس: وكان علي بن أبي طالب عليه السلام حاضرا، فعظم على ربه وقام على قدميه ونفض ثيابه، فأقسم عليه عمر لما عاد إلى مجلسه ففعله قال عمر: غص عليها يا غواص، ما تقول يا أبا الحسن فما علمتك إلا مفرجا للغم؟
فالتفت علي عليه السلام إلى كعب فقال: غلط أصحابك، وحرفوا كتب الله، وفتحوا الفرية عليه، يا كعب ويحك إن الصخرة التي زعمت لا تحوي جلاله ولا تسع عظمته والهواء الذي ذكرت لا يجوز أقطاره، ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكانت لهما قدمته، وعز الله وجل أن يقاتل له مكان يومى إليه، والله ليس كما يقول الملحدون ولا كما يظن الجاهلون، ولكن كان ولا مكان بحيث لا تبلغه الأذهان، وقولي " كان " عجز عن كونه (1) وهو مما علم من البيان، يقول الله عز وجل " خلق الانسان علمه البيان (2) " فقولي له " كان " مما علمني البيان لأنطق بحججه و عظمته (3) وكان ولم يزل ربنا مقتدرا على ما يشاء، محيطا بكل الأشياء، ثم كون ما أراد بلا فكرة حادثة له أصاب، ولا شبهة دخلت عليه فيما أراد، وأنه عز وجل خلق نورا ابتدعه من غير شئ، ثم خلق منه ظلمة، وكان قديرا أن يخلق الظلمة لامن شئ كما خلق النور من غير شئ، ثم خلق من الظلمة نورا، وخلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين، ثم زجر الياقوتة فماعت (4) لهيبته فصارت ماء مرتعدا، ولا يزال مرتعدا إلى يوم القيامة، ثم خلق عرشه من نوره، و جعله على الماء، وللعرش عشرة آلاف لسان، يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف