يده إلى السماء باسطا وهو يقول: عدتك التي وعدتني إنك لا تخلف الميعاد، فأوحى الله عز وجل إليه أن ائت أحدا أنت ومن تثق به (1)، فأعاد الدعاء فأوحى الله جل وعز إليه: امض أنت وابن عمك حتى تأتي أحدا وتصعد (2) على ظهره، واجعل القبلة في ظهرك، ثم ادع وحش الجبل تجبك، فإذا أجابتك تعمد (3) إلى جفرة منهن أنثى - وهي التي تدعى الجفرة حين ناهد (4) قرناها الطلوع - تشخب أودجها دما، وهي التي لك، فمر ابن عمك فليقم إليها فليذبحها وليسلخها من قبل الرقبة يقلب (5) داخلها، فإنه سيجدها مدبوغة، وسأنزل عليك الروح الأمين وجبرئيل و معه دواة وقلم ومداد، ليس هو من مداد الأرض، يبقى المداد ويبقى الجلد، لا تأكله الأرض ولا تبليه التراب، لا يزداد كلما نشر إلا جدة، غير أنه محفوظ مستور يأتيك علم وحي بعلم ما كان وما يكون إليك، وتمليه على ابن عمك وليكتب وليستمد من تلك الدواة.
فمضى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى إلى الجبل، ففعل ما أمره الله به وصادف ما وصفه له ربه، فلما ابتدأ علي عليه السلام في سلخ الجفرة نزل جبرئيل والروح الأمين وعدة من الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله، ومن حضر ذلك المجلس بين يديه، و جاءته الدواة والمداد خض كهيئة البقل وأشد خضرة وأنور (6) ثم نزل الوحي على محمد صلى الله عليه وآله وكتب علي عليه السلام يصف (7) كل زمان وما فيه، ويخبره بالظهر والبطن وأخبره بما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، وفسر له أشياء لا يعلم تأويلها إلا الله