للمتقين غير بعيد (1) " إلى قوله: " منيب) ثم أجمعوا على أن أعظم الناس خشية العلماء لقوله: " إنما يخشى الله من عباده العلماء (2) " وأجمعوا على أن أعلم الناس أهداهم إلى الحق وأحقهم أن يكون متبعا، ولا يكون تابعا لقوله: " يحكم به ذوا عدل منكم " وأجمعوا على أن أعلم الناس بالعدل أدلهم عليه وأحقهم أن يكون متبعا ولا يكون تابعا لقوله: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى (3) " فدل كتاب الله وسنة نبيه وإجماع الأمة على أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها علي عليه السلام (4).
بيان: اعلم أن دأب أصحابنا رضي الله عنهم في إثبات فضائله صلوات الله عليه الاكتفاء بما نقل عن كل فرقة من الانتساب إليه عليه السلام لبيان أنه كان مشهورا في العلم مسلما في الفضل عند جميع الفرق، وإن لم يكن ذلك ثابتا، بل وإن كان خلافه عند الإمامية ظاهرا، كانتساب الأشعرية وأبي حنيفة وأضرابهم إليه، فإن مخالفتهم له عليه السلام:
أظهر من تباين الظلمة والنور، ومن ذلك ما نقله ابن شهرآشوب رحمه الله من كلامه في الفلسفة، فإن غرضه أن هؤلاء أيضا ينتمون إليه ويروون عنه، وإلا فلا يخفى على من له أدنى تتبع في كلامه عليه السلام أن هذا الكلام لا يشبه شيئا من غرر حكمه وأحكامه، بل لا يشبه كلام أصحاب الشريعة بوجه، وإنما أدرجت فيه مصطلحات المتأخرين، وهل رأيت في كلام أحد من الصحابة والتابعين أو بعض الأئمة الراشدين لفظ الهيولي أو المادة أو الصورة أو الاستعداد أو القوة؟ والعجب أن بعض أهل دهرنا ممن ضل وأضل كثيرا يتمسكون في دفع ما يلزم عليهم من القول بما يخالف