خذوه، فأخذ بنفسه فمات، فخر الدهقان ساجدا، فلما أفاق قال أمير المؤمنين عليه السلام ألم أروك من عين التوفيق؟ فقال: بلى، فقال: أنا وصاحبي لا شرقيون ولا غربيون نحن ناشئة القطب وأعلام الفلك، أما قولك " انقدح من برجك النيران وظهر منه السرطان (1) " فكان الواجب أن تحكم به لي لا علي، أما نوره وضياؤه فعندي، و أما حريقه ولهبه فذهب عني، وهذه مسأله عقيمة (2) احسبها إن كنت حاسبا، فقال الدهقان: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله، وأنك علي ولي الله.
ومنهم الحساب، وهو أوفرهم نصيبا، ابن أبي ليلى: إن رجلين تغذيا (3) في سفر ومع أحدهما خمسة أرغفة ومع الآخر ثلاثة، وساق الحديث إلى آخر ما سيأتي في باب قضاياه عليه السلام.
ومنهم أصحاب الكيميا. وهو أكثرهم حظا، سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن الصنعة، فقال: هي أخت النبوة وعصمة المروة، والناس يتكلمون فيها بالظاهر وإني لاعلم ظاهرها وباطنها، هي والله ما هي إلا ماء جامد، وهواء راكد، ونار جائلة وأرض سائلة.
وسئل عليه السلام في أثناء خطبته: هل الكيميا تكون؟ فقال: الكيميا كان وهو كائن وسيكون، فقيل: من أي شئ هو؟ فقال: إنه من الزيبق الرجراج، و الا سرب والزاج، والحديد المزعفر، وزنجار النحاس الأخضر الحبور الا توقف على عابرهن، فقيل: فهمنا لا يبلغ إلى ذلك، فقال: اجعلوا البعض أرضا، واجعلوا البعض ماء، وأفلجوا الأرض بالماء وقد تم، فقيل: زدنا يا أمير المؤمنين، فقال: لا زيادة عليه فإن الحكماء القدماء ما زادوا عليه كيما يتلاعب به الناس.
ومنهم الأطباء وهو أكثرهم فطنة، أبو عبد الله عليه السلام: كان (4) أمير المؤمنين