علي عليه السلام فقال: قد شكر الله تعالى سعيكما فارجعوا (1) فقمنا ننظر إليهما، فانشقت الأرض ودخلا فيها وعادت إلى ما كانت، ورجعنا وقد تداخلنا من الحسرة والندامة ما الله أعلم به، كل ذلك تأسفا على علي عليه السلام وأصبح النبي صلى الله عليه وآله وصلى الناس الغداة، ثم جاء وجلس على الصفا، وحف به أصحابه وتأخر علي عليه السلام وارتفع النهار وأكثر الناس الكلام إلى أن زالت الشمس، وقالوا: إن الجني احتال على النبي صلى الله عليه وآله وقد أراحنا الله من أبي تراب، وذهب عنا افتخاره بابن عمه علينا!
وأكثروا الكلام إلى أن صلى النبي صلى الله عليه وآله صلاة الأولى وعاد إلى مكانه وجلس على الصفا، وما زال أصحابه في الحديث إلى أن وجبت صلاة العصر، وأكثر القوم الكلام وأظهروا اليأس من أمير المؤمنين عليه السلام وصلى بنا النبي صلى الله عليه وآله صلاة العصر وجاء وجلس على الصفا، وأظهر الفكر في علي عليه السلام وظهرت شماتة المنافقين بعلي عليه السلام وكادت الشمس تغرب، وتيقن القوم أنه هلك إذا انشق الصفا وطلع علي عليه السلام منه و سيفه يقطر دما، ومعه عرفطة، فقام النبي صلى الله عليه وآله فقبل ما بين عينيه وجبينيه، فقال له: ما الذي حبسك عني إلى هذا الوقت؟ فقال: صرت إلى خلق كثير قد بغوا على عرفطة وقومه الموافقين (2)، ودعوتهم إلى ثلاث خصال فأبوا علي ذلك: دعوتهم إلى الايمان بالله تعالى والاقرار بنبوتك ورسالتك فأبوا، فدعوتهم إلى الجزية فأبوا، وسألتهم أن يصالحوا عرفطة وقومه فيكون بعض المرعى لعرفطة وقومه وكذلك الماء فأبوا، فوضعت سيفي فيهم وقتلت منهم رهطا ثمانين ألفا، فلما نظر القوم إلى ما حل بهم طلبوا الأمان والصلح ثم آمنوا وصاروا إخوانا، وزال الخلاف وما زلت معهم إلى الساعة، فقال عرفطة: يا رسول الله جزاك الله وعليا خيرا، وانصرف (3).
الفضائل: عن سلمان رضي الله عنه مثله (4).