السلام يدور مع الحق ويدور الحق معه حيثما دار بنص الرسول صلى الله عليه وآله (1)، كما تضافرت (2) به الروايات من طرف المخالف والمؤالف، ومع ذلك احتج عليه السلام على المهاجرين والأنصار لما كرهوا عدله في القسمة وأنكروه عليه، بمخالفة التفضيل للشريعة، وألزمهم العدل في القسمة، فلم يرده عليه أحد منهم، بل أذعنوا له وصدقوا قوله، ثم فارقه طلحة والزبير ومن يقفوا أثرهما رغبة في الدنيا وكراهة للحق، كما سيأتي (3) في باب بيعته عليه السلام وغيره.
وقد قال ابن أبي الحديد (4) - في بعض كلامه -:
فإن قلت: إن أبا بكر قد قسم بالسوية (5)، كما قسمه أمير المؤمنين عليه السلام، ولم ينكروا عليه كما أنكروا على أمير المؤمنين عليه السلام؟.
قلت: إن أبا بكر قسم محتذيا بقسم رسول الله صلى الله عليه [وآله]، فلما ولي عمر الخلافة وفضل قوما على قوم ألفوا ذلك ونسوا تلك القسمة الأولى، وطالت أيام عمر، وأشربت قلوبهم حب المال وكثرة العطاء، وأما الذين اهتضموا فقنعوا ومرنوا على القناعة، ولم يخطر لاحد من الفريقين أن هذه الحال تنتقض (6) أو تتغير بوجه ما، فلما ولي عثمان أجرى (7) الامر على ما كان عمر يجريه، فازداد وثوق العوام بذلك، ومن ألف أمرا أشق (8) عليه فراقه وتغيير العادة فيه، فلما ولي (1) مرت مصادر الحديث في أول تحقيقاتنا.
(2) توجد حاشية في (ك) وهي: المضافرة - بالضاد والفاء -: التألب، وقد تضافر القوم، وتضافروا: إذا تألبوا. وقد تألبوا:.. أي اجتمعوا. النهاية.
انظر: النهاية لابن الأثير 3 / 93 وفيه: وتظافروا - بالظاء أخت الطاء -، و 1 / 59.
(3) بحار الأنوار 32 / 145 - 148.
(4) شرح النهج لابن أبي الحديد 7 / 42 - 43، بتفاوت كثير أشرنا إلى بعضه.
(5) في المصدر: بالسواء.
(6) في (س): تنقض.
(7) في (ك): أجر.
(8) جاءت في (ك): شق. (*)