العالمين و (1) حكم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأن من مات ولم يعرفه كان ميتته ميتة جاهلية، وقد صرح عليه السلام في كثير من كلماته بأنه لم ينه عن قتله ولم ينصره، وإنه كان في عزلة عن أمره (2) كما سيأتي، وهل يريب اللبيب في أنه عليه السلام لو كان نصره أو أنكر قتله لبالغ في إظهار ذلك للناس وفي مكاتباته إلى معاوية، فإنه لم يكن لمعانديه عليه السلام شبهة أقوى من اتهامه بقتل عثمان، وإنما كان عليه السلام يقتصر على التبري من قتله لأنه لم يكن من المباشرين، وذلك مما لا يرتاب فيه من له معرفة بالسير والآثار، وحينئذ فالكف عن نصرة عثمان والذب عنه إما مطعن لا مخلص عنه فيمن يدور الحق معه حيثما داروا (3) في أعيان الصحابة الكبار حيث لم يدفعوا شرذمة قليلة عن إمامتهم (4) في دار عزهم حتى قتلوه أهون قتلة، وطرحوه في المزابل، ولم يتمكن رهطه وعشيرته من دفنه في مقابر المسلمين، أو هو قدح في ذلك الامام حيث اختلس الخلافة وغصبها من أهلها، ولم يخلع نفسه منها.
فلينظر الناصرون له في أمرهم بعين الانصاف، وليتحرزوا عن اللجاج والاعتساف!.
الطعن الثالث:
إنه رد الحكم بن أبي العاص طريد رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد امتنع أبو بكر من رده، فصار بذلك مخالفا للسنة ولسيرة من تقدمه، وقد شرط عليه في عقد البيعة اتباع سيرتهما.