لما نكث طلحة والزبير بيعة أمير المؤمنين عليه السلام، ولم تقم فتنة الجمل، ولم يستقر الامر لمعاوية، ولا تطرق الفتور إلى اتباع أمير المؤمنين عليه السلام وأنصاره، ولو كان المنازع له في أول خلافته معاوية لدفعه بسهولة ولم ينتقل الامر إلى بني أمية، ولم يحدث ما أثمرته تلك الشجرة الملعونة من إراقة الدماء المعصومة، وقتل الحسين عليه السلام، وشيوع سب أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر، ثم انتقال الخلافة إلى بني العباس وما جرى من الظلم والجور على أهل البيت عليهم السلام وعلى سائر أهل الاسلام.
وقد كان من الدواعي على الفتن والشرور بدعته الأخرى وهي الشورى، إذ جعل طلحة والزبير مرشحين للخلافة نظيرين لأمير المؤمنين عليه السلام، قشق عليهما طاعته والصبر على الأسوة والعدل، وهذا في غاية الوضوح (1).
وقد روى ابن عبد ربه في كتاب العقد (2) - على ما حكاه العلامة رحمه الله عنه في كشف الحق (3) -، قال: إن معاوية قال (4) لابن الحصين (5): أخبرني: ما الري شتت أمر المسلمين وجماعتهم (6) ومزق ملاهم، وخالف بينهم؟!. فقال:
قتل عثمان (7). قا: ما صنعت شيئا؟. قال: فسير (8) علي إليك (9). قال: ما صنعت شيئا (10)؟. قال: ما عندي غير هذا يا أمير المؤمنين. قال: فأنا أخبرك،