سكتت، فلما انصرفت إلى منزلي إذا أنا بكتاب معلق في السقف، فقلت لأمي: ما هذا الكتاب؟ فقالت: يا روزبه إن هذا الكتاب لما رجعنا من عيدنا رأيناه معلقا فلا تقرب ذلك المكان، فإنك إن قربته قتلك أبوك، قال: فجاهدتها حتى جن الليل، ونام أبي وأمي، فقمت وأخذت الكتاب فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من الله إلى آدم، إنه خالق من صلبه نبيا يقال له: محمد، يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن عبادة الأوثان، يا روزبه ائت وصي عيسى فآمن واترك المجوسية.
قال: فصعقت صعقة وزادني شدة، قال: فعلم أبي وأمي بذلك فأخذوني و جعلوني في بئر عميقة، وقالوا لي: إن رجعت وإلا قتلناك، فقلت لهم: افعلوا بي ما شئتم، حب محمد لا يذهب من صدري، قال سلمان: والله ما كنت أعرف العربية قبل قراءتي الكتاب، ولقد فهمني الله العربية من ذلك اليوم، قال: فبقيت في البئر فجعلوا ينزلون إلي قرصا صغارا، فلما طال أمري رفعت يدي إلى السماء، فقلت:
يا رب إنك حببت محمدا ووصيه إلي، فبحق وسيلته عجل فرجي وأرحني مما أنا فيه، فأتاني آت عليه ثياب بيض قال: قم يا روزبه، فأخذ بيدي وأتى بي الصومعة (1) فأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن عيسى روح الله، وأن محمدا حبيب الله فأشرف علي الديراني فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد، فأصعدني إليه، وخدمته حولين كاملين، فلما حضرته الوفاة قال: إني ميت، فقلت له:
فعلى من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحد يقول بمقالتي إلا راهبا (2) بأنطاكية، فإذا لقيته فاقرأه منى السلام وادفع إليه هذا اللوح، وناولني لوحا، فلما مات غسلته وكفنته ودفنته، وأخذت اللوح وصرت به إلى أنطاكية، وأتيت الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن عيسى روح الله، وأن محمدا حبيب الله، فأشرف علي الديراني فقال لي: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد فصعدت إليه، فخدمته