يعلم بهم " ثم انصرفوا " عن المجلس أو عن الايمان " صرف الله قلوبهم " عن الفوائد التي يستفيدها المؤمنون أو عن رحمته وثوابه (1).
قوله تعالى: " ألا إنهم يثنون صدورهم ".
أقول: قد مر تفسيره في كتاب الاحتجاج.
وقال في قوله: " والذين آتيناهم الكتاب " يريد أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) الذين آمنوا به وصدقوه: أعطوا القرآن وفرحوا بإنزاله " ومن الأحزاب " يعني اليهود والنصارى والمجوس أنكروا بعض معانيه وما يخالف أحكامه، وقيل:
الذين آتيناهم الكتاب هم الذين آمنوا من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه فرحوا بالقرآن لأنهم يصدقون به، والأحزاب بقية أهل الكتاب وسائر المشركين عن ابن عباس (2).
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " واصبر نفسك ": نزلت في سلمان وأبي ذر وصهيب وعمار وخباب وغيرهم من فقراء أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)، وذلك أن المؤلفة قلوبهم جاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وذووهم فقالوا: يا رسول الله إن جلست في صدر المجلس ونحيت عنا هؤلاء وروائح صنانهم (3) وكانت عليهم جبات (4) الصوف جلسنا نحن إليك وأخذنا عنك، فما يمنعنا من الدخول عليك إلا هؤلاء، فلما نزلت الآية قام النبي (صلى الله عليه وآله) يلتمسهم فأصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله، فقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي معكم المحيا ومعكم الممات " واصبر نفسك " أي احبس نفسك " مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي " أي يداومون على الصلوات والدعاء عند الصباح والمساء " يريدون وجهه " أي رضوانه والقربة إليه " ولا تعد " أي ولا تتجاوز " عيناك عنهم " بالنظر إلى غيرهم من أبناء الدنيا " تريد